الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسائل المزني

قال المزني رحمه الله : " وهذه مسائل أجبت فيها على قوله وقياسه وبالله التوفيق " .

مسألة : قال المزني رحمه الله : " من ذلك لو دفع إليه ألف درهم فقال خذها فاشتر بها هرويا ، أو مرويا بالنصف كان فاسدا ؛ لأنه لم يبين فإن اشترى فجائز وله أجر مثله وإن باع فباطل ؛ لأن البيع بغير أمره " .

قال الماوردي : وهذا ما قال .

إذا دفع رب المال إلى العامل ألف درهم وقال : اشتر بها هرويا ، أو مرويا بالنصف كان فاسدا باتفاق أصحابنا ، وإنما اختلفوا في علة فساده على ثلاثة أوجه :

أحدهما : أن علة فساده أنه قال فاشتر بها هرويا ، أو مرويا فلم يبين أحد النوعين من [ ص: 344 ] المروي ، أو الهروي ، ولم يجمع بينهما فجعله مشكلا ، والقراض إنما يصح بأن يعم جميع الأجناس ، أو يعين بأحد الأجناس .

والثاني : وهو اختيار أبي علي بن أبي هريرة أن علة فساده أنه قال بالنصف ، ولم يبين النصف هل يكون لرب المال ، أو للعامل ؟ قال واشتراطه نصف الربح لنفسه مبطل للقراض ما لم يبين نصف العامل ، واشتراطه نصف الربح للعامل غير مبطل للقراض ، فصار القراض بهذا القول مترددا بين الصحة ، والفساد فبطل .

والثالث : وهو اختيار أبي إسحاق المروزي أنه بطل بقوله فاشتر ، ولم يقل وبع ، والقراض إنما يصح بالشراء والبيع فلذلك بطل .

فإذا تقرر ما وصفنا من اختلاف أصحابنا في علة فساده فإن اشترى كان الشراء جائزا ؛ لأنه مأمور به وله أجرة مثله ، وإن باع كان البيع باطلا ؛ لأنه غير مأمور به .

التالي السابق


الخدمات العلمية