الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " وتجوز المساقاة سنين " .

قال الماوردي : قد مضى الكلام في أقل مدة المساقاة فأما أكثر مدتها فكالإجارة في أكثر مدتها ، وقد اختلف قول الشافعي - رضي الله عنه - في أكثر مدة الإجارة على قولين : أحدهما : لا يجوز إلا سنة واحدة لزيادة الغرر فيما زاد على السنة .

والقول الثاني : يجوز سنين كثيرة .

قال الشافعي رضي الله عنه : يجوز ثلاثين سنة ، فمن أصحابنا من جعل الثلاثين حدا لأكثر المدة اعتبارا بظاهر كلامه ، وذهب سائرهم - وهو الصحيح - إلى أن قوله ثلاثين سنة ليس بحد لأكثر المدة ، ولهم فيه تأويلان :

أحدهما : أنه قاله مثالا على وجه التكثير ، والثاني أنه محمول على ما لا يبقى أكثر من ثلاثين سنة .

فعلى هذا في أن الإجارة تجوز سنين كثيرة ، فهل ذكر أجرة كل سنة منها لازم فيها ؟

على قولين : أحدهما : يلزم أن يبين أجرة كل سنة منها .

والثاني : لا يلزم . فأما المساقاة فأحد القولين أنها لا تجوز أكثر من سنة واحدة ، كما لا تجوز الإجارة أكثر من سنة ، والقول الثاني : تجوز سنين كثيرة يعلم بقاء النخل إليها ، كما تجوز الإجارة سنين كثيرة .

وهل يلزم ذكر نصيب العامل في كل سنة فيها قولا واحدا وفرقوا بينها وبين الإجارة بأن ثمار النخل مختلفة باختلاف السنين ومنافع الإجارة لا تختلف .

[ ص: 365 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية