الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإن شرط العامل على رب النخل غلمانا يعملون معه جاز الشرط وصحت المساقاة ، وهذا نص الشافعي رضي الله عنه .

وما عليه فقهاء أصحابه في جواز اشتراط ذلك في المضاربة وجهان : أحدهما يجوز كما يجوز في المساقاة .

والثاني : لا يجوز ، والفرق بينهما أن في المساقاة عملا يختص برب النخل وهو حفر الآبار ، وكري الأنهار فجاز أن يشترط عليه عمل غلمانه وليس في المضاربة عمل يختص برب المال ، فلم يجز أن يشترط عليه عمل غلمانه .

فإن قيل فإذا جوزتم دخول العبيد في المساقاة تبعا ، فهلا جوزتم العقد عليهم ببعض كسبهم منفردا ؟ .

[ ص: 373 ]

قيل قد يجوز في توابع العقد ما لا يجوز إفراده بالعقد ، ألا ترى أن شركة الأبدان يصح أن تفرد بالعقد ، ولو عقدت على مال صح ، وكان عمل البدن فيها تبعا للعقد .

فإن قيل فإذا جوزتم للعامل أن يشرط على رب النخل عمل غلمانه فهلا جوزتم أن يشرط عليه عمل نفسه ، قيل لا يجوز ، والفرق بينهما : أن رب المال لا يكون تبعا لماله ، وقد يكون غلمانه تبعا لماله كالدولاب ، والثور في المساقاة .

فإن قيل فإن كان العمل مشروطا على غلمان رب النخل فلماذا يستحق العامل سهمه من الثمرة ، قيل بالتدبير واستعمال العبيد ، ولذلك لزم العبيد أن يعملوا بتدبير العامل فإن شرط في العقد أن يعملوا بتدبير أنفسهم فسد .

التالي السابق


الخدمات العلمية