الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا تقرر هذا ، فإن عقدت الإجارة على سنة لم يلزم تقسيط الأجرة على شهورها لما فيه من المشقة ؛ ولأن شهور السنة الواحدة في الغالب إنها متساوية ، والمؤاجرة فيها على حالة واحدة . وإن عقدت الإجارة على سنين كثيرة فهل يلزم تقسيط الأجرة على كل سنة منها أم لا ؟ على قولين :

[ ص: 407 ] أحدهما : لا يلزم كما لا يلزم تقسيطها على الشهور والأيام ، وكما لا يلزم تقسيط الثمن على أعيان الصفقة وإن كثرت واختلفت .

والقول الثاني : أن تقسيطها على سني الإجارة واجب وإن لم يجب تقسيطها على الشهور ، فإن لم يذكر قسط كل سنة بطلت الإجارة .

ووجه ذلك أن عقد الإجارة غير منبرم بخلاف بيوع الأعيان المنبرمة لتردده بين السلامة ، والعطب ما لم يذكر قسط كل سنة منها ، وأجور السنين قد تختلف فيتعذر العلم بقدر ما يستحق الرجوع به من الأجرة عند انتقاض الإجارة في بعض المدة ، وليس كذلك شهور السنة المتماثلة غالبا .

وهذان القولان كاختلاف قوليه في السلم إذا جمع أشياء مختلفة ، أو إلى آجال مختلفة هل يلزم تقسيط الثمن على كل جنس منها : لأن عقد السلم غير منبرم كالإجارة لتردده بين سلامة وعطب . فإن قيل : إن تقسيط الأجرة على السنين واجب جاز أن يساوي بين أجور السنين ويفاضل ، فإن بطلت الإجارة في بعض المدة رجع بالمسمى لها من الأجرة .

وإن قيل : إن تقسيطها على السنين ليس بواجب فبطلت الإجارة في بعض المدة قدرت أجرة المثل فيما مضى من السنين وأجرة المثل فيما بقي ، وربما تفاضل ذلك بحسب الزمان أو بتغير المؤاجر ، ثم يقسط المسمى على ذلك وننظر حصة باقي المدة من المسمى فيكون هو القدر المرجوع به .

التالي السابق


الخدمات العلمية