الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : إذا استأجر الرجل دارا ثم أراد أن يؤجرها بعد قبضها ما بقي له من مدة إجارته نظر ، فإن أجرها من غير مؤجرها جاز سواء أجرها بمثل الأجرة أو بأقل أو بأكثر ، أحدث فيها عمارة أو لم يحدث ، وإن أجرها من مؤجرها ففي جواز الإجارة وجهان :

فأحد الوجهين : أنها تحدث على ملك المؤجر ، فعلى هذا لا يصح أن يستأجر ما أجره .

والوجه الثاني : أنها تحدث على ملك المستأجر ، فعلى هذا يجوز أن يؤاجر من المؤجر ، وقد أشار الشافعي إلى هذا في كتاب الرهن .

وقال أبو حنيفة : إن أجرها من المؤجر بمثل الأجرة ، أو أكثر صح ، وإن أجرها منه بأقل لم يجز بناء على أصله فيمن ابتاع سلعة ثم باعها على بائعها بأقل لم يجز .

قال : وإن أجرها من غير مؤجرها بمثل الأجرة أو بأقل جاز ، فإن أجرها بأكثر لم يجز إلا يكون المستأجر قد أحدث فيها عمارة لتكون الزيادة في مقابلة عين ترى .

ودليلنا هو أن من ملك الإجارة في حق نفسه لم تتقدر عليه الأجرة كالمالك ، ولأن كل قدر صح أن يؤجر به المؤجر صح أن يؤجر به المستأجر كالمثل ، ولأن كل حال جاز له العقد فيها بقدر جاز له الزيادة عليه كما لو أحدث عمارة ، ولأنها منفعة ملكها بعوض فصح أن يزيل ملكه بأكثر من ذلك العوض ؛ كالزوج يجوز أن يخالع بأكثر من الصداق ولأنها معاوضة على ملك نفسه فيما لا تراعى فيه المماثلة فوجب أن يكون تقدير العوض إليه كالبيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية