الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا أجر الرجل عبده ثم أعتقه صح العتق ، والإجارة على لزومها إلى انقضاء المدة ، والأجرة للسيد دون العبد : لأنه قد ملكها بعقد ، وهل للعبد أن يرجع على سيده بأجرة مثله بعد عتقه على قولين :

أحدهما : يرجع بها : لأنه قد فوت عليه بعقده ما قد ملكه من منافع نفسه بالعتق ، فعلى هذا تكون نفقة العبد بعد عتقه على نفسه .

والقول الثاني : وهو الصحيح أنه لا رجوع له لاستحقاق ذلك عليه قبل عتقه . فعلى هذا في نفقته وجهان :

أحدهما : على سيده استيفاء لما تقدم من حكمي الإجارة والنفقة .

والوجه الثاني : في بيت المال من سهم المصالح : لأن ذلك من جملتها ولكن لو أجر دارا ثم وقفت صح الوقف ، والإجارة بحالها ، ولم يرجع من وقفت عليه بشيء من أجرة مدة الإجارة قولا واحدا واختص الواقف بها إلى انقضاء المدة : لأن الوقف مقصور الحكم على شروط واقفه بخلاف العتق . وأما إذا أجر عبده ثم كاتبه فالكتابة باطلة : لأنه لا يملك بها منافع نفسه لما تقدم من إجارته ولو كان قد ابتدأ بكتابته ثم أجره صحت الكتابة وبطلت الإجارة : لأن السيد لا يملك منافعه بعد الكتابة ولكن لو أجره ثم دبره ، أو دبره ثم أجره صح التدبير ، والإجارة جميعا بخلاف الكتابة : لأن السيد يملك منافع مدبره بتدبيره ، ولا يملك منافع مكاتبه . ولو أجر أمته ثم صارت أم ولد له فالإجارة بحالها وكذلك لو أجرها بعد أن صارت أم ولد له صحت الإجارة : لأنه مالك لمنافعها .

التالي السابق


الخدمات العلمية