الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا استأجر امرأة لرضاع طفل جاز إذا عرفت سنه مشاهدة أو خبرا وكان زمان رضاعه معلوما ، فإن لم تشاهده ولا أخبرت بسنه لم يجز لاختلاف شربه باختلاف سنه ثم عليها [ ص: 424 ] أن تسقيه قدر ريه وفي أوقات حاجته ، وإن كان ذلك مجهولا فهي جهالة لا يمكن الاحتراز منها فعفي عنها ، فإن شرط عليها مع الرضاع حضانة الطفل وخدمته لزمها ، وإن أغفلا ذلك ففي لزومه لها وجهان من اختلاف أصحابنا في الحضانة ، هل مقصودها الرضاع والخدمة ، أم الخدمة ، والرضاع تبع ؟ . فأحد الوجهين :

أن الخدمة تبع للرضاع في الحضانة ، فعلى هذا لا تجبر على خدمته .

والثاني : أن الرضاع تبع للخدمة ، فعلى هذا تجبر على خدمته وليس على المرضعة أن تأتي إلى الطفل فترضعه بل على ولي الطفل إذا أراد إرضاعه أن يحمله إليها ليرتضع ، ولولي الطفل أن يمنعها من أكل ما يضر بلبنها : فإن كان الطفل لا يستمرئ لبنها لعلة في اللبن ، فهذا عيب وللمستأجر الفسخ ، ولو كانت ذات زوج لم يمنع الزوج من وطئها ؛ فإن لم يعلم المستأجر أنها ذات زوج ، فله الفسخ وللزوج أن يمنع زوجته من إجارة نفسها مرضعا ، فإن أجرت نفسها فله الخيار في فسخ الإجارة عليها ، وإذا سقت المرضعة الطفل من لبن غيرها ؛ فإن كانت الإجارة في الذمة فلها الأجرة ، وإن كانت معينة فلا أجرة لها . وقال أهل العراق : لها الأجرة .

ولو ماتت المرضعة بطلت الإجارة ، ولو مات الطفل ففي بطلان الإجارة قولان : أحدهما : قد بطلت .

والثاني : لا تبطل ويأتي المستأجر ببدله على ما سنذكره في الخلع وإذا ضاع حلي الطفل لم تضمنه إن قيل إن العوض للرضاع والخدمة تبع ، فإن قيل : إن العوض أجرة للخدمة والحفظ فهي كالأجير لا يضمن إن كان منفردا ويضمن في أحد القولين إن كان مشتركا ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية