الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " ثم لا يزال وقت الصبح قائما بعد الفجر ما لم يسفر "

قال الماوردي : أما أول وقت الصبح فهو طلوع الفجر ، والفجر هو ابتداء تنفس الصبح ، قال الله تعالى : والصبح إذا تنفس [ التكوير : 18 ] ، وقال الشاعر :


حتى إذا الصبح لها تنفسا وانجاب عنها ليلها وعسعسا

[ ص: 29 ] وسمي فجرا : لانفجار الضوء منه ، وهو فجران : فالأول أزرق يبدو مثل العمود طولا في السماء له شعاع ثم يهمد ضوؤه ثم يبدو بياض

الثاني بعده عرضا منتشرا في الأفق ، قال الشاعر :

وأزرق الفجر يبدو قبل أبيضه     وأول الغيث قطر ثم ينسكب

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفجرين أنه قال : الفجر فجران الأول مستطيل والثاني مستطير فإذا ثبت ما ذكرنا من صفة الفجرين ، فصلاة الصبح تجب بالثاني منهما دون الأول ، لأن حديث المواقيت وإن لم يختص أحد الفجرين فقد روى محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الفجر فجران الأول كذنب السرحان دقيق صعد لا يحرم الطول ولا يحل الصلاة

وروى سوادة بن حنظلة عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولكن الفجر المستطيل في الأفق فدل هذان الحديثان على افتراق حكم الفجرين وتعليق الحكم في الصلاة والصيام بالثاني منهما دون الأول ، والعرب تسمي الأول الفجر الكذاب ، لأنه يزول ولا يثبت ، وتسمي الفجر الثاني الفجر الصادق ، لأنه صدقك عن الصبح قال أبو ذؤيب :


شغف الكلاب الضاريات فؤاده     فإذا بدا الصبح المصدق يفزع

يريد أن الصيد يأمن بالليل ، فإذا بدا الصبح فزع من القناص يجيء نهارا

التالي السابق


الخدمات العلمية