الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا قيل بمذهب ابن أبي ليلى أن القول قول الخياط فوجهه في المصالح شيئان :

أحدهما : أن العادة جارية بأن الخياط يعمل في الثوب ما أذن له فيه ، ولا يقصد خلافه وإن جرى غير ذلك فنادر فصارت العادة مصدقة لقول الخياط دون رب الثوب . والثاني : أن الخياط لما صدق على الإذن المبيح لتصرفه صار مؤتمنا ، فلم يقبل ادعاء رب الثوب عليه فيما يوجب غرما ؛ لما في ذلك من الإفضاء إلى أن لا يشاء مستأجر أن يثبت غرما ويسقط أجرا إلا ادعاء خلافا ، وهذا يدخل على الناس ضررا ، فعلى هذا يحلف الخياط بالله تعالى : لقد أمره أن يقطعه قباء ، ولا غرم عليه .

واختلف أصحابنا هل له الأجرة أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه لا أجرة له : لأن قوله إنما قبل في سقوط الغرم : لأنه منكر ، ولم يقبل قوله في الأجرة : لأنه فيها مدع ، فعلى هذا إن كانت الخيوط لرب الثوب لم يكن للخياط نقض الخياطة : لأنها آثار مستهلكة ويصير الثوب قباء مخيطا لربه ، وإن كانت الخيوط للخياط فله استرجاعها وضمان ما نقص من الثوب بأخذها إلا أن يتراضيا على دفع قيمتها .

والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وطائفة أن له الأجرة : لأنه قد صار محكوما بقبول قوله في الإذن ، فعلى هذا اختلفوا هل يستحق المسمى أو أجرة المثل على وجهين :

أحدهما : المسمى من الأجرة بتحقيق ما حكم به من قبول قوله .

[ ص: 438 ] والثاني : أجرة المثل لئلا يصير مقبول القول في العقد .

التالي السابق


الخدمات العلمية