مسألة : قال  
الشافعي      - رحمه الله تعالى - : " ولو اكترى دابة فحبسها قدر المسير فلا شيء عليه ، وإن حبسها أكثر من قدر ذلك ضمن " .  
قال  
الماوردي      : وصورتها في رجل  
استأجر دابة ليركبها شهرا ، أو ليركبها من  البصرة   إلى  الكوفة   فأمسكها شهرا ، أو قدر مسيره من  البصرة   إلى  الكوفة   من غير أن يركبها  ، فهذا على ضربين :  
أحدهما : أن يفعل ذلك لعذر مانع من ركوبها .  
والثاني : أن يفعل ذلك لغير عذر ، فإن فعل ذلك لغير عذر فقد استوفى ما استحقه بالإجارة وإن لم يركب وضمن جميع الأجرة وقال  
أبو حنيفة      : لا أجرة عليه إذا أمسكها ولم يركبها ، إلا أن يركبها متوجها إلى سفره ثم يرجع فيمسكها مقيما فتلزمه الأجرة .  
وهذا خطأ لاتفاقنا وإياه على أن من استأجر دارا فتسلمها ولم يسكنها مدة إجارته فيها ، فقد استوفى حقه وعليه الأجرة وكذا الدابة : لأن السكنى والركوب حق له وليس بحق عليه ؛ ولأنه قد فوت منافعها على المؤجر وسواء كان بركوب أو غير ركوب ، فلو تلفت الدابة بيده مع انقضاء المدة لم يضمن : لأنها لو تلفت مع الركوب المضر لم يضمن ، فلأن لا يضمن مع الكف عن الركوب أولى . وإن  
أمسك عن ركوبها لعذر  فهو على ثلاثة أقسام :  
أحدها : أن يكون لعذر يعود إلى الدابة .   
[ ص: 440 ] والثاني : أن يكون لعذر يعود إلى المستأجر .  
والثالث : أن يكون لعذر في الطريق . فإن كان العذر عائدا إلى المستأجر لمرض حابس أو أمر عائق ، فقد استوفى حقه وعليه الأجرة : لأن له أن يستوفي ذلك بنفسه وبغيره ، فلم يكن عجزه عن استيفاء ذلك بنفسه مانعا من استيفائه بغيره ، وإن كان العذر عائدا إلى الدابة لمرضها فلا أجرة على المستأجر : لأنه ممنوع من استيفاء حقه بنفسه وبغيره . ثم ينظر في الإجارة ، فإن كانت على مدة قد انقضت فقد بطلت ، وإن كانت إلى مسافة معلومة فهي بحالها . وإن كان العذر في الطريق من جدب أو خوف ، فهو كما لو كان لعذر في الدابة لكون العذر في الحالين من غير المستأجر فصار ممنوعا من استيفاء حقه .