الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا أجر الرجل حماما بالنصف من كسبه فسدت الإجارة للجهل بها ، ولو أجره بأجرة معلومة صحت ، وكانت العمارة على المؤجر ، ومؤنة الحطب والوقود على المستأجر : لأن العمارة من حقوق التمكين فاختص بها المؤجر فلو شرطت على المستأجر بطلت الإجارة ، ومؤنة الحطب والوقود من حقوق الاستيفاء فاختص بها المستأجر ، فلو شرطت على المؤجر بطلت الإجارة ، وقد يشترط الناس في وقتنا هذا في إجارة الحمامات ثلاثة شروط ، كل منها يفسد العقد .

أحدها : أن يشترط على المستأجر ما احتاج الحمام إليه من بياض وسواد لينفرد المؤجر بما احتاج إليه من هدم وبناء ، وهذا يبطل الإجارة .

والثاني : أن يشترط على المستأجر تعجيل سلف لا يقع به القضاء ليرد عليه عند انقضاء المدة إن لم يستأجر ثانية ، وهذا يبطل الإجارة .

والثالث : أن يشترط المؤجر دخول الحمام هو وعياله بغير أجرة ، وهذا يبطل الإجارة ، فلو صحت الإجارة لخلوها من هذه الشروط الفاسدة فقل دخول الناس إليه ، فهذا على ثلاثة أضرب : [ ص: 444 ] أحدها : أن يكون لأمر يعود إلى المؤجر من خراب الحمام وشعثه ، فعلى المؤجر عمارة ما خرب وإصلاح ما تشعث ، ولا يؤخذ به جبرا ، فإن بادر إلى عمارته فلا خيار للمستأجر ، وإن لم يبادر إلى عمارته فالمستأجر بالخيار بين المقام والفسخ .

والضرب الثاني : أن يكون لأمر يعود إلى المستأجر من قلة الحطب والماء ومراعاة الوقود ، فلا خيار للمستأجر لاختصاصه بالتزام ذلك إن شاء .

والضرب الثالث : أن لا ينسب ذلك إلى واحد منها ، فذلك ضربان :

أحدهما : أن يكون لمانع منه لفتنة حادثة أو لخراب الناحية ، فهذا عيب ، وللمستأجر الخيار .

والضرب الثاني : أن يكون لرغبة عنه لحدوث ما هو أعمر منه ، فهذا ليس بعيب ، ولا خيار للمستأجر .

التالي السابق


الخدمات العلمية