مسألة : قال  
الشافعي      - رضي الله عنه - : " وإن قال : ازرعها أو اغرسها ما شئت ، فالكراء جائز ( قال  
المزني      ) : أولى بقوله أن لا يجوز هذا : لأنه لا يدري يغرس أكثر الأرض فيكثر الضرر على صاحبها ، أو لا يغرس فتسلم أرضه من النقصان بالغرس فهذا في معنى المجهول ، وما لا يجوز في معنى قوله وبالله التوفيق " .  
قال  
الماوردي      : وهذا الفصل يشتمل على ثلاث مسائل :  
إحداهن : أن  
يقول قد أجرتكها لتزرعها إن شئت ، أو تغرسها إن شئت  ، فالإجارة صحيحة وهو مخير بين زرعها إن شاء ، وبين غرسها ، فإن زرع بعضها وغرس بعضها جاز : لأنه لما جاز له غرس الجميع كان غرس البعض أولى بالجواز .  
والمسألة الثانية : أن  
يقول قد أجرتكها لتزرعها أو تغرسها  ، فالإجارة باطلة : لأنه لم يجعل له الأمرين معا ، ولا أحدهما معينا ، فصار ما أجره له مجهولا .  
والمسألة الثالثة : أن  
يقول قد أجرتكها لتزرعها وتغرسها  ففيه وجهان :      
[ ص: 467 ] أحدهما : وهو مذهب  
المزني      : أن الإجارة باطلة : لأنه لما لم يخيره بين الأمرين وجمع بينهما صار ما يزرع منها ويغرس مجهولا ، وهذا قول  
أبي إسحاق      .  
والوجه الثاني : وهو ظاهر كلام  
الشافعي   ، وقاله  
ابن أبي هريرة   أن الإجارة صحيحة ، وله أن يزرع النصف ، ويغرس النصف : لأن جمعه بين الأمرين يقتضي التسوية بينهما ، فلو زرع جميعها جاز : لأن زرع النصف المأذون في غرسه أقل ضررا ، ولو غرس جميعها لم يجز : لأن غرس النصف المأذون في زرعه أكثر ضررا .