الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : " وإن قال : ازرعها أو اغرسها ما شئت ، فالكراء جائز ( قال المزني ) : أولى بقوله أن لا يجوز هذا : لأنه لا يدري يغرس أكثر الأرض فيكثر الضرر على صاحبها ، أو لا يغرس فتسلم أرضه من النقصان بالغرس فهذا في معنى المجهول ، وما لا يجوز في معنى قوله وبالله التوفيق " .

قال الماوردي : وهذا الفصل يشتمل على ثلاث مسائل :

إحداهن : أن يقول قد أجرتكها لتزرعها إن شئت ، أو تغرسها إن شئت ، فالإجارة صحيحة وهو مخير بين زرعها إن شاء ، وبين غرسها ، فإن زرع بعضها وغرس بعضها جاز : لأنه لما جاز له غرس الجميع كان غرس البعض أولى بالجواز .

والمسألة الثانية : أن يقول قد أجرتكها لتزرعها أو تغرسها ، فالإجارة باطلة : لأنه لم يجعل له الأمرين معا ، ولا أحدهما معينا ، فصار ما أجره له مجهولا .

والمسألة الثالثة : أن يقول قد أجرتكها لتزرعها وتغرسها ففيه وجهان : [ ص: 467 ] أحدهما : وهو مذهب المزني : أن الإجارة باطلة : لأنه لما لم يخيره بين الأمرين وجمع بينهما صار ما يزرع منها ويغرس مجهولا ، وهذا قول أبي إسحاق .

والوجه الثاني : وهو ظاهر كلام الشافعي ، وقاله ابن أبي هريرة أن الإجارة صحيحة ، وله أن يزرع النصف ، ويغرس النصف : لأن جمعه بين الأمرين يقتضي التسوية بينهما ، فلو زرع جميعها جاز : لأن زرع النصف المأذون في غرسه أقل ضررا ، ولو غرس جميعها لم يجز : لأن غرس النصف المأذون في زرعه أكثر ضررا .

التالي السابق


الخدمات العلمية