الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وكل معدن عمل فيه جاهلي ثم استقطعه رجل ، ففيه أقاويل أحدها أنه كالبئر الجاهلي والماء العد ، فلا يمنع أحد أن يعمل فيه ، فإذا استبقوا إليه فإن وسعهم عملوا معا ، وإن ضاق أقرع بينهم أيهم يبدأ ، ثم يتبع الآخر حتى يتآسوا فيه ، والثاني للسلطان أن يقطعه على المعنى الأول فيه ، ولا يملكه إذا تركه ، والثالث يقطعه فيملكه ملك الأرض إذا أحدث فيها عمارة " .

قال الماوردي :

أحدها : أنه كالسر الجاهلي والماء العد ، فلا يمنع أحد يعمل فيه ، فإذا استبقوا إليه فإن وسعهم غلوا معا ، وإن ضاق أقرع بينهم أيهم يبدأ ، ثم يتبع الآخر فالآخر فالآخر حتى يتساووا فيه .

[ ص: 500 ] والثاني : للسلطان أن يقطعه على المعنى الأول يعمل فيه ولا يملكه إذا تركه ، والثالث يقطعه فيملكه ملك الأرض إذا أحدث فيها عمارة .

اعلم أن المعادن الباطنة ضربان : ضرب لم يعمل فيه ، وضرب عمل فيه ، فأما ما لم يعمل فيه فضربان :

أحدهما : أن يعمل منه بما يشاهد من ظاهره أنه إن عمل فيه ظهر نيله وأجاب ولم يخلف ، فهذا هو الذي ذكرنا اختلاف قول الشافعي في جواز إقطاعه ، ومن لم يقطع فهو على أصل الإباحة لمن ورده أن يعمل فيه .

والضرب الثاني : أن لا يعلم منه ظهور نيله يقينا ، وقد يجوز أن يخلف ويجوز أن لا يخلف ، فقد اختلف أصحابنا فيه هل يجري عليه حكم الموات في جواز إقطاعه وتأييد ملكه بالإحياء ، أو يجري عليه حكم المعادن ؟ على وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يجري عليه حكم الموات في جواز إقطاعه وتأييد ملكه بالإحياء : لأنه من جملة الموات ما لم يتيقن كونه معدنا .

والوجه الثاني : أنه يجري عليه حكم المعادن تغليبا لظاهر أمرها ما لم يتيقن كونه مواتا ، والأول أصح ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية