الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فأما أخذها العبد لنفسه لا لسيده ففيه قولان : أحدهما أن ذلك جائز له ولا يصير به متعديا : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ذلك مال الله يؤتيه من يشاء ، فجعلها كسبا ، فلم يمنع العبد منه كما لا يمنع من الاصطياد والإحشاش ، وعلى هذا يعرفها العبد حولا ، فإن جاء صاحبها وإلا فلكل واحد من العبد والسيد أن يتملكها ، فإن تملكها العبد وجب غرمها في ذمته كالقرض ، وللسيد أخذها منه لأنها من اكتسابه ، فلو كان على العبد دين قد تعلق بذمته ، لم يكن له صرف اللقطة فيه : لأن ديون العبد مستحقة من كسبه بعد عتقه ، وإن تملكها السيد كان السيد ضامنا لغرمها في ذمته دون العبد ، وإن اتفقا أن تكون أمانة لصاحبها ، فللسيد الخيار في أن ينتزعها من يد عبده ليحفظها ، فلو تلفت في يد العبد قبل أن يتملكها واحد منهما لم يضمن أمانة ، وإن استهلكها العبد لنفسه نظر في استهلاكه لها ، فإن كان قبل الحول ضمنها في رقبته : لأن ذلك عدوان منه ، وإن كان بعد الحول ضمنها في ذمته : لأن ذلك مباح له ، فهذا حكم أحد القولين .

التالي السابق


الخدمات العلمية