فصل : فإذا ثبت أن  
الأذان والإقامة  ليسا بفرض على الأعيان ، فقد ذهب  
أبو سعيد الإصطخري   إلى أنه فرض على الكفاية كصلاة الجنازة وغسل الموتى ورد السلام فإذا قام به      
[ ص: 50 ] من فيه كفاية سقط فرضه عن الباقين ، كذلك الأذان إذا انتشر فعله في البلد والقبيلة انتشارا ظاهرا سقط فرضه عن الباقين وإن لم يؤذن ، أو أذن ولم ينتشر في البلد انتشارا ظاهرا خرج الناس أجمعون ، وأما  
أذان الجمعة  فزعم  
أبو سعيد      : أنه واجب بالإجماع ، وذهب سائر أصحابنا إلى أن الأذان للجمعة وغيرها سنة ، وليس بواجب ، لأن ما ينفع من وجوبه على أعيان الجماعات وآحاد المصلين منع من إيجابه على الكفاية ، فعلى هذا إذا قيل بوجوبه على الكفاية فأطبق أهل بلد على تركه قوتلوا عليه وحوربوا لأجله ، وإذا قيل : إنه سنة على مذهب الجمهور من أصحابنا فلو أطبق أهل بلد على تركه فهل يقاتلون أم لا ؟ على وجهين :  
أحدهما : وهو قول  
أبي إسحاق المروزي      : يقاتلون على تركه ، لأن في إهمالهم وتركه ذريعة إلى إهمال السنن وحابطا لها ، حتى إذا انقرض العصر عليه ونشأ بعدهم قوم لم يروه سنة ولا اعتقدوه شرعا  
والوجه الثاني : وهو قول  
أبي علي بن أبي هريرة      : أنهم لا يقاتلون على تركه ولكن يعنفون بالقول ويزجرون بالإنكار ، ولو قوتلوا عليه لخرج من حكم المسنون إلى حد الواجب