الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فلو قال : من جاءني بعبدي الآبق فله دينار . فأي الناس جاء به استحق الدينار من رجل أو امرأة ، حر أو عبد ، مسلم أو كافر ، صغير أو كبير ، عاقل أو مجنون ، إذا كان قد سمع النداء أو علم به لدخولهم في عموم قوله : من جاءني ، فلو جاء العبد بنفسه عند علمه بهذا القول من سيده لم يستحق عليه شيئا : لأن الجعل عليه لا له ، فلو جاء به من لم يسمع النداء ولا علم به كان متطوعا بحمله على حكم الأصل ، فلو علم بالنداء بعد المجيء به وقبل دفعه إلى سيده استحق الدينار : لأن السامع للنداء لو جاء به من أقرب المواضع أو أبعدها استحقه ، فكذلك فلو أنفق عليه الجائي به في طعامه وشرابه كان متطوعا بالنفقة وليس له غير الدينار ، فلو جاء بالعبد وهو مريض أو في قبضة حياته استحق الدينار : لأنه مبذول على حمله ، فلو اختلف العبد وحامله فقال العبد : جئت بنفسي . وقال حامله : بل أنا جئت به . رجع إلى تصديق السيد ، فإن صدق الحامل لم يعتبر إنكار العبد واستحق الدينار ، وإن صدق العبد حلف السيد دون العبد ، ولا شيء عليه ، ولو اختلف السيد وحامل العبد فقال السيد : فلما لم تسمع النداء فلا شيء لك . وقال الحامل : بل سمعته وعلمت به فلي الدينار . فالقول قول الحامل وله الدينار : لأن علمه بالشيء يرجع فيه إليه لا إلى غيره ، فلو قال سيد العبد : من جاءني بعبدي من سامعي ندائي هذا فله دينار ، فجاء به من علم بندائه ولم يسمعه لم يستحق شيئا ، ولو قال الجائي به : سمعت النداء ، وقال السيد : لم تسمعه ، فالقول قول الجائي به أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية