مسألة : قال  
الشافعي      - رحمه الله تعالى - : " فإن أقر بالرق قبلته ورجعت عليه بما أخذه وجعلت جنايته في عنقه " .  
قال  
الماوردي      : أما  
إقرار اللقيط قبل بلوغه  فغير معمول عليه ، لا في حرية ولا في رق ، فإذا بلغ صار إقراره حينئذ معتدا ، فإن  
ادعى الحرية وأنكر الرق  كان قوله فيها مقبولا وصار حرا في الظاهر والباطن ما لم يقم بينة برقه ، ولا يقبل منه  
الإقرار بالرق بعد ادعاء الحرية  كما لو  
بلغ فأقر بالإسلام  لم يقبل منه الرجوع إلى الكفر ، فأما إذا  
أقر بالرق  ، فإن جعلناه مجهول الأصل كان إقراره بالرق مقبولا ، وإن جعلناه حرا في الظاهر ففي قبول إقراره بالرق وجهان :  
أحدهما : لا يقبل منه إلا أن تقوم بينة : لأنه خلاف ما أجري عليه من حكم الظاهر ، وحكاه  
أبو حامد المروروذي   في جامعه .   
[ ص: 50 ] والوجه الثاني وهو الصحيح الظاهر من كلام  
الشافعي      : أن إقراره به مقبول ، وإن كان قد أجري عليه في الظاهر حكم الحرية كما يقبل إقراره بالكفر وإن أجري عليه في الظاهر حكم الإسلام ، ثم يجرى عليه حكم الرق في المستقبل من أمره إن جنى أو جني عليه ، فأما في الماضي من أمره فقد ذكر  
الشافعي   ما سوى الجناية فيما بعد وقدم ذكر الجناية في هذا الموضع والنفقة عليه ، أما الجناية فالكلام فيها يشتمل على فصلين : أحدهما فيما جني عليه ، والثاني فيما جناه على غيره .  
فأما الجناية عليه فلا يخلو ما أخذه من أرشها بالحرية من ثلاثة أقسام :  
أحدها : أن يستوي أرشها بالحرية والرق فلا يراجع ، فإن كانت عمدا وعرفها الجاني من ماله فقد غرم ما لزمه ، وإن كانت خطأ تحملتها عاقلته ، ففي رجوع العاقلة بها قولان بناء على اختلاف قوليه في  
تحمل العاقلة بالجناية على العبد .  
والقسم الثاني : أن يكون أرشها في الرق أقل من أرشها في الحرية ، كأنها في الحرية ألف وفي الرق مائة ، فيسترجع منه ما زاد على أرش الرق وذلك بتسعمائة ، فإن كانت بعينها في يده أو كان بدلها موجودا من كسبه ليسترجعه الجاني أو عاقلته ، وإن كانت غير موجودة في يده ولا بد لها من كسبه نظر ، فإن كان الحاكم قد أنفقها عليه في صغره استحق الجاني الرجوع بها على سيده كما يرجع عليه بالقبض في النفقة عليه ، وهكذا لو كان المنفق لها على نفسه : لأن نفقته واجبة على سيده ، وإن لم يتصرف في نفقته لم يلزم السيد غرمها : لأنها لم تصر في يديه ولا انصرفت في واجب عليه ، ثم ينظر ، فإن كان الحاكم قد أخذ ذلك في صغره ولم تصر إلى يده لتلفه ، لم يجب غرمه وكانت الزيادة هدرا ، وإن كان هو القابض لها في كبره أو دفعها الحاكم إليه بعد كبره ، تعلق غرمها بذمته بعد عتقه ويساره لغروره ولم تتعلق برقبته .  
والقسم الثالث : أن يكون أرشها في الرق أكثر من أرشها في الحرية بأن كانت في الحرية مائة وفي الرق ألف ، ففي استحقاق الزيادة بالرق قولان : أحدهما : يستحق إلا أن يعترف الجاني بها ولا يقبل قوله فيها مع الإنكار لها لمكان التهمة ، وهذا على القول الذي نجعله فيه حرا في الظاهر .