مسألة : قال  
الشافعي      - رحمه الله تعالي - : " ولو ادعاه الذي وجده ألحقته به ، فإن ادعاه      
[ ص: 53 ] آخر أريته القافة ، فإن ألحقوه بالآخر أريتهم الأول ، فإن قالوا إنه ابنهما لم ننسبه إلى أحدهما حتى يبلغ فينتسب إلى من شاء منهما ، وإن لم يلحق بالآخر فهو ابن الأول " .  
قال  
الماوردي      : وصورة هذه المسألة في  
رجل وجد لقيطا فادعاه ولدا  فدعواه مسموعة وقوله مقبول ، ويحكم له ببنوته ، سواء ادعاه مع التقاطه أو بعده : لأنه لا منازع له ليمنع منه ، وينبغي أن يسأله الحاكم استظهارا من أين صار ولدك أمن أمة أو زوجة في نكاح أو شبهة ، فإن أغفل كل ذلك جاز : لأن قوله فيه مقبول ، فإن جاء آخر بعد إلحاقه بالواجد فادعاه ولدا لم يقبل قوله بمجرد الدعوى : لأن الأول بادعائه له قد صار دافعا لدعواه ولا يمنع منها لاحتمالها ، وأن إلحاقه بالأول إنما كان تغليبا لصدقه عند عدم المنازع ، وإذا كان كذلك وجب أن يرى الثاني مع الولد القافة : لأن فيها بيانا عند التنازع في الأنساب ، فإن نفوه عن الثاني استقر لحوقه بالأول استصحابا لسابق الحكم ، وإن ألحقوه بالثاني عرض عليهم الولد مع الأول ، فإن نفوه عن الأول لحق بالثاني وانتفى عن الأول : لأن  
القافة حجة في إثبات الأنساب  وكالبينة ، فكانت أولى من إلحاقه بدعوى الأول ، فإن أقام الأول بعد إلحاق القافة له بالثاني بينة على الفراش بأربع نسوة عدول يشهدن أنه ولد على فراشه لحق بالأول ببينته وكان أولى من إلحاق القافة له بالثاني بشبهه : لأن حكم الشبه يسقط مع ثبوت الفراش ، ألا ترى لو أن  
ولدا على فراش رجل فادعاه آخر وألحقته القافة به  لم يلحق وكان ولد صاحب الفراش : لتقديم الفراش على حكم الشبه .