الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " وأحب أن يكون المؤذنون اثنين لأنه الذي حفظناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : بلال وابن أم مكتوم فإن كان المؤذنون أكثر أذنوا واحدا بعد واحد "

قال الماوردي

وإنما أراد بذلك من ندبهم الإمام للأذان ورتبهم فيه على الدوام ، وإلا ، فلو أذن أهل المسجد كافة لم يمنعوا ، وإنما اخترنا أن يكونا اثنين ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان له مؤذنان : بلال ، وابن أم مكتوم ، ثم لأبي بكر - رضي الله عنه - مؤذنان : سعد القرظ ، وآخر ، وإن لم يكتف باثنين لكثرة الناس جعلهم أربعة ، فإن عثمان - رضي الله عنه - جعلهم حين اتسعت المدينة أربعة ، فإن لم يكف جعلهم ستة ، فإن زاد فثمانية ليكونوا شفعا ، ولا يكونوا وترا ، ثم يؤذنون واحدا بعد واحد ، روت عائشة قالت : ما كان بين أذان بلال ، وابن أم مكتوم إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا ، ولأن الصوت يختلط باجتماعهم فلا يفهم إلا أن يكون البلد كبيرا [ ص: 59 ] والمسجد واسعا فلا بأس أن يجتمعوا في الأذان دفعة واحدة " كالبصرة " ، ولأن اجتماع أصواتهم أبلغ في الإعلام ، ويتفقوا في الأذان إذا اجتمعوا عليه كلمة واحدة فإن اشتراكهم في كلمة منه أبين وإذا اختلفوا فيه اختلط ، وإذا أذنوا واحدا بعد واحد أذنوا على الولاء ، ولا يتأخر أحدهم عن الآخر بكثير كما قالت عائشة إن كان ينزل هذا ويرقى هذا

التالي السابق


الخدمات العلمية