الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 114 ] باب أقرب العصبة

قال المزني - رحمه الله - : وأقرب العصبة البنون ، ثم بنو البنين ، ثم الأب ، ثم الإخوة للأب والأم إن لم يكن جد ، فإن كان جد شاركهم في باب الجد ، ثم الإخوة للأب ، ثم بنو الإخوة للأب والأم ، ثم بنو الإخوة للأب ، فإن لم يكن أحد من الإخوة ولا من بنيهم ولا بني بنيهم وإن سفلوا ، فالعم للأب والأم ، ثم العم للأب ، ثم بنو العم للأب والأم ، ثم بنو العم للأب ، فإن لم يكن أحد من العمومة ولا بنيهم ولا بني بنيهم وإن سفلوا ، فعم الأب للأب والأم ، فإن لم يكن فعم الأب للأب ، فإن لم يكن فبنوهم وبنو بنيهم على ما وصفت من العمومة وبنيهم وبني بنيهم ، فإن لم يكونوا فعم الجد للأب والأم ، فإن لم يكن فعم الجد للأب ، فإن لم يكن فبنوهم وبنو بنيهم على ما وصفت عمومة الأب ، فإن لم يكونوا فأرفعهم بطنا ، وكذلك نفعل في العصبة إذا وجد أحد من ولد الميت ، وإن سفل لم يورث أحد من ولد ابنه وإن قرب ، وإن وجد أحد من ولد ابنه وإن سفل لم يورث أحد من ولد جده وإن قرب ، وإن وجد أحد من ولد جده وإن سفل لم يورث أحد من ولد أبي جده وإن قرب ، وإن كان بعض العصبة أقرب باب فهو أولى لأب كان أو أم ، وإن كانوا في درجة واحدة إلا أن يكون بعضهم لأب وأم ، فالذي لأب وأم أولى ، فإذا استوت قرابتهم فهم شركاء في الميراث " .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، واختلفوا في العصبة لم سموا عصبة ؟ فقال بعضهم : سموا عصبة لالتفافهم عليه في نسبه كالتفاف العصائب على يده ، وقال آخرون : بل سموا عصبة لقوة نفسه بهم ولقوة جسمه بعصبه ، فأقرب عصبات الميت إليه بنوه لأنهم بعضه ، ولأن الله تعالى قدمهم في الذكر وحجب بهم الأب عن التعصيب حتى صار ذا فرض ، ثم بنو البنين لأنهم بعض البنين : لأن الأب معهم ذو فرض فهو مع البنين ، ولأنهم يعصبون أخواتهم كالبنين ، ثم بنو بني البنين وإن سفلوا ، فإن قيل : أفليس الأب مقدما على الابن في الصلاة عليه بعد الوفاة والتزويج في حال الحياة لأنه أقوى العصبات ، فهلا كان مقدما في الميراث ؟ قيل إنما يقدم في الصلاة والتزويج بمعنى الولاية ، والولاية في الآباء دون الأبناء ، وفي الميراث يقدم بقوة التعصيب وذلك في الأبناء أقوى منه في الآباء ، فإذا عدموا فلم يكن ولد ولا ولد ولد وإن سفل فالأب حينئذ أقرب العصبات بعدهم لأن الميت بعضه ، ولأنه لما كان أقربهم من ولده الميت كان الأقرب من بعدهم من ولد الميت ، ولأن سائر العصبات بالأب يدلون وإليه ينسبون ، [ ص: 115 ] فكان مقدما على جميعهم ، فإن لم يكن بعد الأب إخوة فالجد ، وإن كان إخوة ، فعلى خلاف يذكر في باب الجد ، ثم بعد الجد أبو الجد ، ثم جد الجد ، ثم أبو جد الجد ، ثم جد جد الجد ، ثم هكذا أبدا حتى لا يبقى أحد من عمود الآباء لما فيهم من الولادة والتعصيب ، ثم الإخوة إذا لم يكن جد لأنهم والميت بنو أب قد شاركوهم في الصلب وراكضوهم في الرحم ، ولأنهم يأخذون شبها من البنين في تعصيب أخواتهم فيقدم منهم الأخ للأب والأم على الأخ للأب لقوته بالسببين على من تفرد بإحداهما ، ولما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : وأعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات ، وأصل ميراثهما مأخوذ من قوله تعالى : يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد [ النساء 176 ] ، فيكون حكم الإخوة مع الأخوات كحكم البنين مع البنات في اقتسامهم المال للذكر مثل حظ الأنثيين بعد فرض إن كان مستحقا ، ثم بعد الأخ للأب والأم الأخ للأب وهو مقدم على ابن الأخ للأب والأم لقرب درجته ، ثم بنو الإخوة وهم مقدمون على الأعمام وإن سفلوا ، لأنهم من بني أبي الميت والأعمام بنو جده فيقدم من بني الإخوة من كان لأب وأم ، ثم من كان لأب ، ثم بنو بنيهم وإن سفلوا يقدم من كان أقرب في الدرجة ، وإن كان لأب على من بعد ، وإن كان لأب وأم ، فإن استوت درجتهم قدم من كان منهم لأب وأم على من كان لأب ، ثم الأعمام لأنهم بنو الجد ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورث عم سعد بن الربيع ما فضل عن فرض زوجته وبنتيه ، فيقدم العم للأب والأم على العم للأب لإدلائه بالسببين ، ثم العم للأب ، ثم ابن العم للأب والأم ، ثم ابنا العم للأب ، ثم بنو بنيهم على هذا الترتيب وإن سفلوا مقدمين على أعمام الأب ، ثم أعمام الأب يقدم منهم من كان لأب وأم على من كان لأب ، ثم بنوهم وبنو بنيهم على ما ذكرنا في بني الأعمام ، ثم أعمام الجد ، ثم بنوهم ، ثم أعمام ابن الجد ، ثم بنوهم ، ثم أعمام جد الجد ، ثم بنوهم ، ثم أعمام أبي جد الجد ، ثم بنوهم ، هكذا أبدا حتى يستنفذ جميع العصبات لا يقدم بنو أب أبعد على بني أب هو أقرب وإن نزلت درجتهم ، وإذا استووا قدم منهم من كان لأب وأم على من كان لأب ، وليس الإخوة للأم من العصبة لإدلائهم بالأم التي لا مدخل لها في التعصيب ولا الأعمام للأم من الورثة لأنهم ذو أرحام ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية