الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وإن كان معهن من له فرض مسمى زوج أو امرأة أو أم أو جدة أو بنات ابن ، وكان ذلك الفرض المسمى النصف أو أقل من النصف بدأت بأهل الفرائض ، ثم قاسم الجد ما يبقى أختا أو أختين أو ثلاثا أو أخا وأختا ، وإن زادوا كان للجد ثلث ما يبقى وما بقي فللإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن كثر الفرض المسمى بأكثر من النصف ولم يجاوز الثلثين قاسم أختا أو أختين ، فإن زادوا فللجد السدس ، وإن زادت الفرائض على الثلثين لم يقاسم الجد أخا ولا أختا ، وكان له السدس وما بقي فللإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين " .

قال الماوردي : قد مضى الكلام في تفرد الجد والإخوة بالميراث ، فأما إذا شاركهم ذو فرض فللجد معهم عند دخول ذوي الفروض عليهم الأكثر من أحد ثلاثة أشياء : إما المقاسمة ، أو ثلث ما بقي ، أو سدس جميع المال ، فإن كانت المقاسمة أكثر قاسم لما قدمناه من الدليل على مقاسمته لهم ، فإن كان الثلث الباقي أكثر فرض له ثلث الباقي : [ ص: 128 ] لما ذكرناه من أنهم لا يحجبون إلى أقل من الثلث ، وإن كان السدس أكثر فرض له السدس : لأنه لا ينقص برحمه عن السدس : فلذلك جعلنا له الأكثر من المقاسمة ، أو ثلث الباقي ، أو سدس الجميع ، فإذا تقرر ما وصفنا ، فلا يخلو حال من دخل عليه من ذوي الفروض من أربعة أقسام :

القسم الأول : أن يكون الفرض أقل من النصف : فيعطي الجد الأكثر من المقاسمة أو ثلث الباقي : لأنه أكثر من سدس الجميع ، فعلى هذا لو ترك زوجة وأخا وجدا ، كان للزوجة الربع والباقي بين الجد والأخ نصفين : لأن المقاسمة أوفر له ، ولو ترك زوجة ، وجدا ، وأخا ، وأختا ، كان للزوجة الربع ، والباقي بين الجد والأخ نصفين : لأن المقاسمة أوفر له ، ولو ترك زوجة ، وأخا ، وجدا ، وأختا ، كان للزوجة الربع ، والباقي بين الجد والأخ والأخت على خمسة أسهم والمقاسمة أوفر ، ولو ترك أما ، وأخا ، وأختين ، وجدا ، كان للأم السدس ، والباقي بين الجد والأخ والأختين على ستة أسهم ، والمقاسمة وثلث الباقي سواء ، ولو ترك أما ، وأخوين ، وأختا ، وجدا ، كان للأم السدس ، وللجد ثلث ما بقي : لأنه أكثر المقاسمة وما بقي بين الأخوين والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولو ترك زوجة وأما وأخا وأختا وجدا ، كان للزوجة الربع وللأم السدس والباقي بين الجد والأخ والأخت على خمسة أسهم ، والمقاسمة أكثر من ثلث ما بقي .

والقسم الثاني : أن يكون الفرض النصف لا غير وذلك فرضان : فرض الزوج ، وفرض البنت ، فإن كان للزوج فكانت الفريضة زوجا وأخا وجدا ، كان للزوج النصف ، والباقي بين الجد والأخ نصفين ، والمقاسمة أوفر ، فلو كانت زوجا ، وأخا ، وأختا ، وجدا ، كان للزوج النصف ، والباقي بين الأخ والجد والأخت على خمسة ، والمقاسمة أوفر ، فلو كانت زوجا ، وأخوين ، وجدا ، كان للزوج النصف ، والباقي بين الجد والأخوين على ثلاثة ، والمقاسمة وثلث الباقي وسدس جميع المال سواء ، فلو كانت زوجا ، وأخوين ، وأختا ، وجدا ، كان للزوج النصف ، وللجد ثلث ما يبقى ، وهو سدس الجميع أيضا والباقي بين الأخوين والأخت لا يقاسمهم الجد ، لتساويه بالمقاسمة عن ثلث ما يبقى وسدس الجميع ، وإن كان النصف فرض البنت : فقد حكي عن علي - عليه السلام - أنه لا يزيد الجد على السدس مع البنت ، أو بنت الابن ، وعلى قول الجماعة إن الجد يقاسم الإخوة مع البنت كما يقاسم مع غير البنت : لأن الجد لا يضعف عن الأخ والأخت ، فلما اقتسم الأخ والأخت ما فضل عن فرض البنت اقتسمه الأخ والجد ، فعلى هذا لو ترك بنتا ، وأخا ، وجدا ، كان للبنت النصف ، والباقي بين الأخت والجد على ثلاثة ، ولو ترك بنتا وأخوين ، وأختا ، وجدا ، كان للبنت النصف ، وللجد ثلث ما يبقى وهو السدس : لأن المقاسمة تنقصه عنه والباقي بين الأخوين والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين .

والقسم الثالث : أن يكون الفرض يزيد على النصف ولا يزيد على الثلثين ، فيكون للجد الأكثر من المقاسمة أو سدس جميع المال : لأن ثلث الباقي أقل منه ، فعلى هذا لو ترك [ ص: 129 ] زوجة ، وأما ، وأختا ، وجدا ، كان للزوجة الربع ، وللأم الثلث ، والباقي بين الجد والأخ : لأنه أكثر له من السدس ، وتفضل الأم بسهمها على الجد ، وحكي عن عمر وابن مسعود - رضي الله عنهما - أنهما كانا لا يفضلان أما على جد ، وفضلها زيد : لأن الأم أقوى ولادة وأقرب درجة فلم يمتنع تفضيلها على الجد ، فلو ترك بنتا ، وأما ، وأختا ، وجدا ، كان للبنت النصف ، وللأم السدس ، والباقي بين الجد والأخت على ثلاثة ، والمقاسمة أوفر ، ولو ترك بنتا وبنت ابن ، وأخا ، وجدا ، كان للبنت النصف ، ولبنت الابن السدس ، والباقي بين الجد والأخ نصفين ، والمقاسمة والسدس سواء ، ولو كان مع الأخ أخت فرض للجد السدس لأن المقاسمة أقل .

والقسم الرابع : أن يكون الفرض أكثر من الثلثين : للجد السدس ، وربما استوى السدس والمقاسمة ، فإذا كانت الفريضة زوجا وبنتا وأخا وجدا كان للزوج الربع ، وللبنت النصف ، وللجد السدس ، والباقي للأخ سهم من اثني عشر ، فلو كانت زوجة ، وأما ، وبنتا ، وأخا ، وجدا ، كان للزوجة الثمن ، وللأم السدس ، وللبنت النصف ، وللجد السدس ، والباقي للأخ سهم من أربعة وعشرين سهما ، فلو كانت زوجا ، وبنتا ، وأختا ، وجدا ، فللزوج الربع ، وللبنت النصف ، وسدس للجد والمقاسمة سواء ، فيقاسم به : لأن المقاسمة ما لم تنقصه عن فرضه أولى ، فيكون المال بينهم على ثلاثة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية