الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت توريث ذي القرابتين من المجوس ، أو من وطء الشبهة بأقواهما ، نظرت ، فإن كانت إحداهما تسقط الأخرى فالمسقطة هي الأقوى والتوريث بها أحق ، وإن كانت إحداهما لا تسقط الأخرى فالتوارث يكون بأقواهما واجتماع القرابتين التي يستحق التوارث بكل واحدة منها في مناكح المجوس يكون في ست مسائل :

أحدهما : أب هو أخ ، وهذا لا يكون إلا أخا لأم ، فهذا يرث لكونه أبا : لأن الأخ يسقط مع الأب .

والمسألة الثانية : ابن هو ابن ابن ، فهذا يرث بأنه ابن .

والثالثة : بنت هي بنت ابن فهذه ترث بأنها بنت .

والرابعة : أم هي أخت ، وهذه لا تكون إلا أختا لأب فترث بأنها أم : لأن ميراث الأم أقوى من ميراث الأخت : لأنها ترث مع الأب والابن ، والأخت تسقط معهما .

والمسألة الخامسة : بنت هي أخت ، فإن كان الميت رجلا فهي أخت لأب ، أو إن كان امرأة فهي أخت لأب . . . فترث بأنها بنت .

والمسألة السادسة : جدة هي أخت ، فإن كانت الجدة أم الأم ، فإن الأخت لا تكون إلا الأم ولا يخلو حال من وجد من ورثة الميت في هذه المسألة أن يورث معهم بكل واحدة من هاتين القرابتين أم لا ، فإن كانوا ممن يرث معهم الأخت والجدة فقد اختلف أصحابنا هل ترث هذه بأنها جدة أم بأنها أخت على وجهين :

أحدهما : ترث بأنها جدة : لأن الجدة ترث مع الأب والابن ، والأخت تسقط مع الأب والابن .

والوجه الثاني : أما ترث بأنها أخت : لأن ميراث الجدة طعمة وميراث الأخت نص ، ولأن فرض الجدة لا يزيد بزيادة الجدات وفرض الأخت يزيد بزيادة الأخوات ، ولأن الأخوات يرثن بالفرض تارة ، وبالتعصيب أخرى ، والجدات لا يرثن إلا بالفرض فلهذه المعاني الثلاث صارت الأخت أقوى من الجدة .

فأما إن كان الورثة ممن يورث معهم بإحدى هاتين القرابتين فهذا ينظر ، فإن كان التوارث معهم يكون بالتي جعلناها أقوى القرابتين ، مثل أن يغلب توريثها بأنها جدة وهم ممن ترث معهم الجدة دون الأخت ، أو يغلب توريثها بأنها أخت وهم ممن ترث معهم الأخت دون الجدة فهذه ترث معهم بالقرابة التي غلبناها وجعلناها أقوى ، وإن كان التوارث معهم بالقرابة [ ص: 167 ] التي جعلناها أضعف ، مثل أن يغلب توريثها بأنها جدة وهم ممن ترث معهم الأخت دون الجدة كالأم والبنت ، أو يغلب توريثها بأنها أخت وهم ممن ترث معهم الجدة دون الأخت كالأب والابن ، ففيه وجهان :

أحدهما : أنها تورث معهم بالقرابة التي لا تسقط معهم : لأن القرابة الأخرى إن لم تزدها خيرا لم تزدها شرا ، ولا يراعى حكم الأقوى في هذا الموضع كالمشاركة .

والوجه الثاني : أنه يسقط توريثها بأضعفهما إذا لم ترث بالأقوى : لأن أقواهما قد أسقط حكم أضعفهما حتى كان الإدلاء بالأضعف معدوما ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية