الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ ص: 168 ] باب ميراث الخنثى

قال الشافعي : الخنثى هو الذي له ذكر كالرجال وفرج كالنساء ، أو لا يكون له ذكر ولا فرج ويكون له ثقب يبول منه ، وهو وإن كان مشكل الحال فليس يخلو أن يكون ذكرا أو أنثى ، وإذا كان كذلك نظر ، فإن كان يبول من أحد فرجيه فالحكم له ، وإن كان بوله من ذكره فهو ذكر يجري عليه حكم الذكور في الميراث وغيره ويكون الفرج عضوا زائدا ، وإن كان بوله من فرجه فهو أنثى يجري عليه أحكام الإناث في الميراث وغيره ويكون الفرج عضوا زائدا ، لرواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن مولود ولد له ما للرجال وما للنساء فقال - صلى الله عليه وسلم - يورث من حيث يبول .

وروى الحسن بن كثير عن أبيه أن رجلا من أهل الشام مات فترك أولادا رجالا ونساء فيهم خنثى فسألوا معاوية فقال : ما أدري ائتوا عليا بالعراق قال : فأتوه فسألوه فقال : من أرسلكم ؟ فقالوا : معاوية ، فقال - : يرضى بحكمنا وينقم علينا ؟ ! بولوه ، فمن أيهما بال فورثوه .

فإن بال منهما فقد اختلف الناس منه ، فقال أبو حنيفة وصاحباه : أعتبر أسبقهما وأجعل الحكم له . قال أبو الحسن بن اللبان الفرضي : وقد حكاه المزني عن الشافعي ولم أر هذا في شيء من كتب المزني ، وإنما قال الشافعي ذلك في القديم حكاية عن غيره ، ثم رد عليه ، ومذهبه الذي صرح به أنه لا اعتبار بأسبقهما ، ولو اعتبر السبق كما قالوا لاعتبر الكثرة كما قال أبو يوسف ، وقد قال أبو حنيفة لأبي يوسف حين قال أراعي أكثرهما أفتكيله ؟ وحكي عن الحسن البصري أن الخنثى إذا أشكل حاله اعتبرت أضلاعه ، فإن أضلاع الرجال ثمانية عشر ، وأضلاع المرأة سبعة عشر ، وهذا لا أصل له ، لإجماعهم على تقديم المال على غيره فسقط اعتباره .

التالي السابق


الخدمات العلمية