الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما الوصية للعبد ، فإن كان لعبد نفسه لم يجز : لأنها وصية لورثته .

وإن كانت لعبد غيره جاز وكانت وصية لسيده ، وهل يصح قبول العبد لها بغير إذن سيده على وجهين :

أحدهما : تصح ، كما يصح أن يملك والاحتشاش بالاصطياد من غير إذن .

والثاني وهو قول أبي سعيد الإصطخري : لا تصح لأن السيد هو المملك .

فعلى الوجه الأول : لو قبلها السيد دون العبد لم يجز .

وعلى الوجه الثاني : يجوز .

فأما إذا أوصى لمدبره [ ص: 193 ] فالوصية جائزة إذا خرج المدبر من الثلث : لأنه يملكها دون الورثة ، لعتقه بموت السيد ، ولو خرج بعضه من الثلث دون جميعه ، صح من الوصية بقدر ما عتق منه ، وبطل منه بقدر ما رق منه .

ولو وصى لمكاتبه ، كانت الوصية جائزة : لأن المكاتب يملك ، فإن عتق بالأداء فقد استقر استحقاقه لها ، فإن كان قد أخذها قبل العتق وإلا أخذها بعده .

وإن رق بالعجز نظر ، فإن لم يكن قد أخذها فهي مردودة : لأنه صار عبدا موروثا ، وإن كان قد أخذها ففيه وجهان :

أحدهما : ترد اعتبارا بالانتهاء في مصيره عبدا موروثا .

والثاني : لا ترد اعتبارا بالابتداء في كونه مكاتبا مالكا .

فأما الوصية لأم ولده فجائزة ، سواء كان لها ولد وارث أو لم يكن : لأن عتقها بالموت أنفذ من عتق المدبر ، ولا يمنع ميراث ابنها من إمضاء الوصية : لأن الوصية لأبي الوارث وابنه جائزة ، وقد روي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أوصى لأمهات أولاده .

التالي السابق


الخدمات العلمية