الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وتجوز الوصية لما في البطن وبما في البطن إذا كان يخرج لأقل من ستة أشهر ، فإن خرجوا عددا ذكرانا وإناثا فالوصية بينهم سواء ، وهم لمن أوصي بهم له " .

قال الماوردي : وهذه المسألة مشتملة على فصلين :

أحدهما : الوصية بالحمل .

والثاني : الوصية للحمل .

فأما الوصية للحمل فجائزة ؛ لأنه لما ملك بالإرث وهو أضيق ، ملك بالوصية التي هي أوسع .

ولو أقر للحمل إقرارا مطلقا بطل في أحد القولين .

والفرق بينهما : أن الوصية أحمل للجهالة له من الإقرار .

ألا ترى أنه لو أوصى لمن في هذه الدار صح ، ولو أقر له لم يصح .

فإذا قال : قد أوصيت لحمل هذه المرأة بألف ، نظر حالها إذا ولدت ، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر من حين تكلم بالوصية لا من حين الموت صحت له الوصية ؛ لعلمنا أن الحمل كان موجودا وقت الوصية .

وإن وضعته لأكثر من أربع سنين من حين الوصية فالوصية باطلة لحدوثه بعدها ، وأنه لم يكن موجودا وقت تكلمه بها .

وإن وضعته لأكثر من ستة أشهر من وقت الوصية ولأقل من أربع سنين ، فإن كانت [ ص: 216 ] ذات زوج أو سيد يمكن أن يطأها فيحدث ذلك منه ، فالوصية باطلة لإمكان حدوثه فلم يستحق بالشك .

وإن كانت غير ذات زوج أو سيد يطأ ، فالوصية صحيحة ؛ لأن الظاهر تقدمه والحمل يجري عليه حكم الظاهر في اللحوق ، فكذلك في الوصية .

التالي السابق


الخدمات العلمية