الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما العصر فتعجيلها أفضل في الحر وغيره

روى عبد الله بن فضالة الزهراني عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حافظ على العصرين ، وما كانت من لغتنا ، فقلت : وما العصران ؟ قال : صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها وروى محمد بن عبيدة عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق : حبسونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا

وأما المغرب فتعجيلها أولى

روى الحارث بن شبل عن أم النعمان الكندية عن عائشة قالت : قال رسول الله : لا تزال أمتي على سنتي ما بكروا بصلاة المغرب

وأما عشاء الآخرة ففيها قولان :

أحدهما : قال في الإملاء : أن تعجيلها لأول وقتها أفضل له لرواية النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي عشاء الآخرة لسقوط القمر ليلة ثلاث " ، واعتبارا بسائر الصلوات .

والقول الثاني قاله في الجديد : أن تأخيرها أفضل لرواية عطاء عن ابن عباس قال : أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة العشاء فخرج عمر فنادى : الصلاة يا رسول الله ، قد رقد النساء والولدان ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمسح الماء عن شقه وهو يقول : إنه للوقت لولا أن أشق على أمتي

وروى أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ذات ليلة حتى إلى نحو من شطر الليل ثم خرج فصلى ، فلما فرغ من صلاته قال : خذوا مقاعدكم . فأخذنا مقاعدنا فقال : إن الناس قد صلوا ، وأخذوا مضاجعهم ، وإنكم لا تزالون في صلاة ما انتظرتم الصلاة ، ولولا ضعف الضعيف ، وسقم السقيم ، وحاجة ذي الحاجة لأخرت هذه الصلاة إلى هذه الساعة

[ ص: 66 ] وروى [ عاصم بن ] أحمد السكوني عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أعتموا بهذه الصلاة فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم ولم تصلها أمة قبلكم

وكان أبو علي بن أبي هريرة يمتنع من تخريج الفضيلة فيها على قولين ويحمل ذلك على اختلاف حالين اعتبارا بأحوال الناس ، فمن علم من نفسه الصبر على تأخيرها ، وإن النوم لا يغلبه حتى ينام عنها كان تأخيرها أفضل له ، ومن لم يثق بنفسه على الصبر لها ولم يأمن سنة النوم عليه حتى ينام عنها كان تعجيلها أفضل له ، ويجعل الأخبار المتعارضة محمولة على هذا التحريم ليصح استعمال جميعها

التالي السابق


الخدمات العلمية