الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو قال أعطوه كلبا من كلابي ، أعطاه الوارث أيها شاء " .

قال الماوردي : وهذا كما قال : الوصية بالكلب المنتفع به جائزة ؛ لأنه لما جاز إحرازه في يد صاحبه ، وحرم انتزاعه من يد صاحبه ، جاز أن يكون وصية وميراثا .

فإذا أوصى بكلب ولا كلاب له فالوصية باطلة ؛ لأنه لا يصح أن يشترى ، ولا يلزم أن يستوهب .

وإن كان له كلاب فضربان : منتفع بها ، وغير منتفع بها .

فإن كانت كلاب كلها غير منتفع بها فالوصية باطلة ، لحظر اقتنائه وتحريم إمساكه .

وإن كانت كلها منتفعا بها ، فكان له كلب حرث وماشية وكلب صيد نظر .

فإن كان الموصى له صاحب حرث ، وماشية ، وصيد ، فالوارث بالخيار في إعطائه أي كلب شاء من حرث ، أو ماشية أو صيد .

وإن كان الموصى له ليس بصاحب حرث ، ولا ماشية ، ولا صيد ، ففي الوصية وجهان :

أحدهما : الوصية باطلة ، اعتبارا بالموصى له ، وأنه غير منتفع به .

والثاني : الوصية جائزة ، اعتبارا بالكلب ، وأنه منتفع به ، وأن الموصى له ربما أعطاه ما ينتفع به .

وإن كان الموصى له ممن ينتفع بأحدها بأن كان صاحب حرث لا غير ، أو صاحب صيد لا غير ، فالوصية جائزة وفيها وجهان :

أحدهما : يلزم الوراث أن يعطيه الكلب الذي يختص بالانتفاع به دون غيره ، اعتبارا بالموصى له .

والثاني : أن للوارث الخيار في إعطائه أي الكلاب شاء ، اعتبارا بالموصى به .

فأما الوصية بالجرو الصغير المعد للتعليم ، ففي جوازها وجهان من اختلاف الوجهين في اقتنائه :

أحدهما : اقتنائه غير جائز ، والوصية به باطلة ؛ لأنه غير منتفع به في الحال .

والوجه الثاني : أن اقتنائه جائز ؛ لأنه سينتفع به في ثاني حال ، ولأن تعليمه منفعة في الحال .

[ ص: 237 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية