الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " فإن لم يبلغ ثلاث رقاب وبلغ أقل رقبتين يجدهما ثمنا وفضل فضل جعل الرقبتين أكثر ثمنا حتى يعتق رقبتين ولا يفضل شيئا لا يبلغ قيمة رقبة " .

قال الماوردي : وهذه مسألة أغفل المزني صورتها ، ونقل جوابها ، وقد ذكرها الشافعي نصا في الأم .

وصورتها في رجل قال أعتقوا بثلثي رقابا ، أو قال حرروا بثلثي رقابا .

فهذا يشترى بثلثه رقاب يعتقون عنه ولا يصرف في المكاتبين ؛ لأن ذكر العتق والتحرر صرفه عنهم .

وأقل ما يشترى به ثلاث رقاب إذا أمكنوا ، اعتبارا بأقل الجمع ، فإن اتسع للزيادة على الثلاث ، اشتري به ما بلغوا ، ولا يقتصر على الثلاث مع إمكان الزيادة ، بخلاف صرفه في المكاتبين حيث جاز الاختصار على الثلاثة مع إمكان الزيادة ؛ لأنه يجوز أن يعطى الواحد من المكاتبين قليلا أو كثيرا ، ولا يجوز في عتق الرقبة أن يزيد على ثمنها ولا ينقص منه .

فإن لم يبلغ مال الوصية ثمن ثلاث رقاب ، صرفه في رقبتين ، فإن فضل من الرقبتين فضلة ، فإن كانت الفضلة لا يقدر بها على بعض ثالثة زادها في ثمن الرقبتين ، ليكون أكثرهما ثمنا ، فتكون أكثر ثوابا .

وإن كان يقدر بالفضلة على بعض ثالثة ، ففيه وجهان ، حكاهما أبو إسحاق المروزي :

[ ص: 242 ] أحدهما : أنه يشتري بالفضلة بعض ثالثة ؛ لأن ذلك أقرب إلى الثلاث الكاملة .

والوجه الثاني وهو الظاهر من كلام الشافعي : أنها تزاد في ثمن الرقبتين ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أفضل الرقاب فقال : أكثرها ثمنا ، وأنفسها عند أهلها .

ولأن في تبعيض الرقبة في العتق إدخال ضرر على الرقبة ، وعلى مالك الرقبة فيها ، فكان رفع الضرر أولى .

وأما إن اتسع الثلث لأكثر من ثلاثة رقاب ، فاستكثار العدد مع استرخاص الثمن أولى من إقلال العدد مع استكثار الثمن وجها واحدا ، لقوله صلى الله عليه وسلم : من أعتق رقبة ، أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار ، حتى الذكر بالذكر ، والفرج بالفرج .

التالي السابق


الخدمات العلمية