الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : والقسم الثالث : أن يطلق الوصية بالحج ، فلا يجعله في الثلث ولا من رأس المال . فالذي نص عليه الشافعي في المناسك في كتابه الجديد : أنه يحج عنه من رأس المال . وقال في هذا الموضع من الوصايا بالحج عنه من ثلثه .

فاختلف أصحابنا : فكان أبو الطيب بن سلمة وأبو حفص بن الوكيل يخرجان ذلك على قولين :

أحدهما : يكون من رأس المال ، كما لو لم يوص به ، لوجوبه كالديون .

والقول الثاني : أنه يكون من الثلث ، ليستفاد بالوصية ، ما لم يكن مستفادا بغيرها .

وقال أبو علي بن خيران :

[ ص: 246 ] ليس هذا على اختلاف قولين ، بل الحكم على حالين ، فالذي جعله في الثلث هو أجرة مثل السير من بلده إلى الميقات ، والذي جعله من رأس المال هو أجرة المثل من الميقات .

وقال أبو إسحاق المروزي : وقال أبو علي بن أبي هريرة : إنه يكون ذلك من رأس المال قولا واحدا .

والذي قاله هاهنا أنه يكون في الثلث إذا صرح بأنه في الثلث توفيرا على ورثته ، ألا تراه قال : فإن لم يبلغ تمم من رأس المال ، فإن قلنا : إنه يكون من رأس المال : أحج عنه من ميقات بلده ، وإن قلنا : يكون من الثلث ، فعلى وجهين :

أحدهما : من بلده ، والثاني : من ميقات بلده .

والذي قاله هاهنا إذا كان الحج واجبا ، وسواء كان حج الإسلام أو نذرا أو قضاء .

ومن أصحابنا من فرق بين حجة النذر وغيرها ، فجعل حجة النذر في الثلث ؛ لأنه تطوع بإيجابها على نفسه وسوى الأكثرون بينها وبين الواجبات .

التالي السابق


الخدمات العلمية