الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما القسم الثالث وهو أن تضعه بعد قبول الموصى له ، فهذا على أربعة أضرب :

أحدها : أن يكون موجودا عند الوصية .

والثاني : أن يكون حادثا بعد الوصية وقبل موت الموصي .

والثالث : أن يكون حادثا بعد موت الموصي وقبل القبول .

والرابع : أن يكون حادثا بعد القبول .

فإن كان موجودا عند الوصية ، مثل أن تضعه لأقل من ستة أشهر من حين الوصية بالولد للموصى له على القولين معا ، سواء قيل إن للحمل حكما ، أو قيل إنه يكون تبعا ؛ لأنه إن قيل إن له حكما فهو مع الأم موصى بهما .

وإن قيل : يكون تبعا ، فحكمه معتبر بحال الولادة وهو مولود في ملك الموصى له ، وإذا كان له فقد عتق عليه بعد رقه ، فله ولاؤه ، فلا تكون أمه به أم ولد .

وإن كان حادثا بعد الوصية وقبل الموت فهو أن تضعه لأكثر من ستة أشهر من وقت الوصية ولأقل من ستة أشهر من حين الموت ، ففيه قولان :

أحدهما : أنه مملوك للموصى وهذا على القول الذي يقول إن للحمل حكما .

والقول الثاني : إنه للموصى له ، إذا قيل إن الحمل تبع .

فعلى هذا يعتق عليه بعد رقه ويكون له عليه الولاء ولا تصير أمه به أم ولد .

وإن كان حادثا بعد موت الموصي وقبل القبول فهو أن تضعه ، لأكثر من ستة أشهر من حين الموت ولأقل من ستة أشهر من حين القبول ، ففيه ثلاثة أقوال :

أحدها : أنه حر من حين العلوق ، لم يجر عليه حكم رق وأن " أمه " به أم ولد .

وهذا على القول الذي يجعله بالقبول مالكا ، ويجعل الحمل تبعا من حين الموت .

والقول الثاني : أنه حر بعد رقه ، وعليه الولاء لأبيه ولا تكون أمه به أم ولد ، وهذا على القول الذي يجعله بالقبول مالكا ويجعل الحمل تبعا .

والقول الثالث : أنه مملوك لورثة الموصي دون الموصى له ، وهذا على القول الذي يجعله بالقبول مالكا ويجعل للحمل حكما .

[ ص: 257 ] وهكذا : لو ولدت أولادا وكان بين أولهم وآخرهم أقل من ستة أشهر فحكمهم حكم الولد الواحد ؛ لأنهم من حمل واحد .

ولو كان بين بعضهم وبعضهم ستة أشهر لاختلف حكمهم لاختلاف حملهم ، وإن كان حادثا بعد القبول فهو أن تضعه لستة أشهر فصاعدا من حين قبوله ، فهذا حر الأصل ، لم يجر عليه رق ولا ولاء عليه للأب ، وتصير الأم به أم ولد ؛ لأنها علقت به في ملك لا في نكاح .

التالي السابق


الخدمات العلمية