الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت أن الوصية لا تبطل بموت الموصى له قبل الرد والقبول ، فورثته يقومون مقامه في القبول والرد ولهم ثلاثة أحوال :

حال يقبل جميعهم الوصية ، وحال يرد جميعهم الوصية ، وحال يقبلها بعضهم ويردها بعضهم .

فإن قبلوها جميعا ، فعلى القول الذي يجعل القبول دالا على تقدم الملك ، فالمالك للوصية بقبول الورثة ، هو الموصى له لا الورثة .

فعلى هذا يكون أولاد الأمة أحرارا ؛ لأن الأب لا يملك ولده ويجعلها له أم ولد في الموضع الذي تصير بالولادة أم ولد .

فأما القول الذي يجعل القبول ملكا ، فقد اختلف أصحابنا ، هل تدخل الوصية في ملك الموصى له بقبول ورثته أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وأبي حامد المروزي : أن الوصية يملكها الورثة دون الموصى له ، لحدوث الملك بقبولهم .

فعلى هذا لا يعتق الأولاد الذين ولدتهم بعد القبول ولا تصير الأمة بهم أم ولد ؛ لأن الأخ يملك أخاه .

وعلى هذا لو كانت الوصية مالا لم يقض منها ديون الموصى له .

والوجه الثاني وهو الظاهر من مذهب الشافعي وبه قال أكثر البصريين وحكاه أبو القاسم بن كج عن شيوخه : أن الوصية يملكها الموصى له بقبول ورثته وإن كان القبول مملكا ؛ لأنها لو لم تدخل في ملكه لبطلت ؛ لأن الورثة غير موصى لهم ، فلم يجز أن يملك الوصية من لم يوص له .

فعلى هذا قد أعتق الأولاد الذين ولدتهم بعد القبول وصارت ممن يجب أن تصير به أم ولد .

وعلى هذا لو كانت الوصية مالا ، قضي منها ديون الموصى له .

التالي السابق


الخدمات العلمية