الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : واعلم أن المصلي سائرا إلى جهة غير القبلة يلزمه العدول إلى القبلة في أربعة أحوال :

أحدها : أن يدخل بلدة ، أو البلد الذي هو غاية سفره فيلزمه استقبال القبلة فيما بقي من صلاته لزوال المعنى المبيح لتركها ، فإن أقام على ما كان عليه من العدول عنها بطلت صلاته ، ولكن لو دخل بلدا غير بلده مجتازا فيه بنى على صلاته إلى جهة سيره

والحال الثانية : أن ينوي المقام فيخرج من حكم السفر ، ويلزمه استقبال القبلة فيما بقي من صلاته فإن لم يفعل بطلت صلاته

والحال الثالثة : أن ينتهي إلى المنزل الذي يريد أن ينزله في سفره ، لأنه وإن كان باقيا في الحكم فسيره قد انقطع فيلزمه استقبال القبلة فيما بقي منها ، فإن لم يفعل بطلت

[ ص: 77 ] والحال الرابعة : أن يقف عن المسير لغير نزول إما استراحة عن كلال السير ، وإما انتظارا لو تأخر عن المسير فيلزمه استقبال القبلة فيما بقي منها ، لأن مسيره قد انقطع ، واستقبال القبلة لا يؤثر في حال وقوفه ، فإن سار بعد أن توجه إلى القبلة وقبل إتمام صلاته ، فإن كان ذلك لمسير القافلة جاز أن يتم باقيها إلى جهة سيره ويعدل عن القبلة لما في تأخره عن القافلة لإتمام الصلاة مع الإضرار به ، وإن كان هو المريد لإحداث المسير من غير ضرورة لم يجز أن يسير حتى تنتهي صلاته ، لأنه بالوقوف قد لزمه فرض التوجه في هذه الصلاة فلم يجز له إسقاطه من غير عذر ظاهر ، فيكون كالنازل إذا ابتدأ بالصلاة إلى القبلة ثم ركب سائرا لم يجز أن يبني على هذه الصلاة إلى غير القبلة ، لأن فرض التوجه إليها قد لزمه بالدخول فيها نازلا فلم يسقط بما أحدثه من الركوب سائرا

التالي السابق


الخدمات العلمية