الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو كان الموصى به قمحا فخلطه بقمح ، أو طحنه دقيقا فصيره عجينا كان أيضا رجوعا " .

قال الماوردي : وهذه ثلاث مسائل :

أحدها : إذا أوصى له بحنطة فخلطها بحنطة أخرى كان هذا رجوعا ؛ لأن الوصية كانت بحنطة معينة وبخلطها قد تعذر الوصول إلى عينها ، سواء خلطها بمثلها في الجودة أو بأجود أو بأردأ ، وإن خلطها بغير جنسها فلا يخلو من أحد أمرين : إما أن يكون مما يشق تمييزه ، أو لا يشق ، فإن خلطها بما يشق تمييزه منها كحنطة أخلط بها شعيرا ، أو أرزا ، أو عدسا فهذا رجوع ؛ لأنه خلط بما لا يتميز ، وإن خلطها بما لا يشق تمييزه كالجوز واللوز ، لم يكن رجوعا كما لو أحرزها ، ولو نقل الحنطة عن البلد إلى غيره ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن ينقلها إلى ما هو أقرب إلى بلد الموصى له ، فهذا لا يكون رجوعا ؛ لأنه يدل على الحرص وتمامها .

والضرب الثاني : أن ينقلها إلى بلد هو أبعد إلى الموصى له من البلد الذي كانت فيه ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون ذلك لعذر ظاهر من خوف طرأ ، أو فتنة حدثت ، فلا يكون ذلك رجوعا .

والضرب الثاني : أن يكون ذلك لغير عذر ، ففي كونه رجوعا وجهان :

أحدهما : يكون رجوعا اعتبارا بظاهر فعله .

[ ص: 316 ] والوجه الثاني : لا يكون رجوعا اعتبارا ببقائها على صفتها على ملكه ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية