الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما تمييز فروعه فلأن النماء مال مقصود ، فلم يجز أن يفوته على اليتيم كالأصول وهو نوعان :

أحدهما : ما كان نماؤه أعيانا من ذاته ، كالثمار والنتاج ، فعليه في ذلك ما عاد يحفظه وزيادته ، كتلقيح النخل وعلوفة الماشية .

فإن أخل بعلوفة الماشية ، ضمنها وجها واحدا ، وإن أخل بتلقيح الثمرة ، فلا ضمان عليه وجها واحدا ؛ [ ص: 345 ] لأنها إن لم تتميز ، فلا يجوز أن يضمن ما لم يخلق ولم يستقر عليه لليتيم ملك ، وإن خلقت ناقصة فالنقصان أيضا مما لم يخلق .

والنوع الثاني : ما كان نماؤه بالعمل . وذلك نوعان : أحدهما : تجارة بمال ، والثاني : استغلال العقار .

فأما التجارة بالمال فيعتبر فيها ، أربعة شروط ، يؤخذ الولي بها في التجارة :

أحدها : أن يكون ماله ناضا ، فإن كان عقارا لم يجز بيعه للتجارة .

والثاني : أن يكون الزمان آمنا ، فإن كان مخوفا لم يجز .

والثالث : أن يكون السلطان عادلا ، فإن كان جائرا لم يجز .

والرابع : أن تكون المتاجر مربحة ، فإن كانت مخسرة لم يجز .

فإن استكمل هذه الشروط ، كان مندوبا إلى التجارة له بالمال ، فلو لم يتجر بها لم يضمن لأمرين :

أحدهما : أنه لم يستقر له ملك على ربح معلوم فيصح ضمانه .

والثاني : أن ربح التجارة بالعقد والمال تبع ، ولذلك جعلنا ربح الغاصب في المال المغصوب له دون المغصوب منه .

فإن اتجر الولي بالمال مع إخلاله ببعض هذه الشروط ، كان ضامنا لما تلف من أصل المال .

وأما استغلال العقار ، فإنما يكون بإجارته ، فإن تركه عاطلا لم يؤجره ، فقد أثم وفي ضمانه لأجرة مثله إذا كان غير معذور في تعطيله وجهان ؛ لأن منافعه تملك كالأعيان .

التالي السابق


الخدمات العلمية