الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإن عين على حرز يحرزها ، فلا يخلو حاله من أن ينهاه عن إخراجها من ذلك الحرز أو لا ينهاه ، فإن لم ينهه عن إخراجها من الحرز الذي عينه جاز إحرازها فيه ، سواء كان حرزا لمثلها أو لم يكن ؛ لأن مالكها بالتعيين قد قطع اجتهاده في الاختيار ، فإن أخرجها من ذلك الحرز فذلك ضربان :

أحدهما : لضرورة أمن غشيان نار أو حدوث غارة ، فلا ضمان عليه بإخراجها منه إذا كان الطريق في إخراجها مأمونا ، ولو تركها مع حدوث هذه الضرورة لكان لها ضامنا ؛ لأنه فرط بتركها .

والضرب الثاني : أن ينقلها من ذلك الحرز إلى غيره من غير ضرورة حدثت ، فلا يخلو حال الحرز الذي كانت فيه والحرز الذي نقلت إليه من أربعة أقسام :

أحدها : أن يكون المعين غير حريز والمنقول إليه حريزا ، فلا ضمان عليه .

والثاني : أن يكون المعين حريزا والمنقول غير حريز ، فعليه الضمان .

والثالث : أن يكون المعين غير حريز والمنقول غير حريز ، فعليه الضمان ؛ لأنه قد عدل عن التعيين إلى غيره اختيارا .

[ ص: 369 ] والرابع : أن يكون المعين حريزا والمنقول إليه حريزا ، فينظر في الحرز المعين ، فإن لم يكن لرب الوديعة جاز نقلها ولم يضمن ؛ لأن حقه في الإحراز دون الحرز ، وإن كان ملكا لرب الوديعة ففيه وجهان :

أحدهما : يجوز نقلها ولا يضمنها تغليبا لحكم الحفظ المعتبر مع الإطلاق ولضمنها اعتبارا بالتعيين القاطع للاختيار .

والوجه الثاني : لا يجوز له نقلها اعتبارا بالتعيين القاطع للاختيار .

التالي السابق


الخدمات العلمية