الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " والسلب الذي يكون للقاتل كل ثوب يكون عليه وسلاحه ومنطقته وفرسه إن كان راكبه ، أو ممسكه وكل ما أخذ من يده " .

قال الماوردي : وهذا صحيح إذا كان السلب مستحقا بالقتل الذي وصفناه انتقل الكلام فيه إلى ثلاثة فصول :

أحدها : فيمن يستحق السلب من القاتلين .

الثاني : فيمن يستحق سلبه عن المقتولين .

والثالث : فيما يكون سلبا مستحقا بالقتل .

فأما الفصل الأول وهو : القاتل الذي يستحق السلب فهو كل ذي سهم في الغنيمة من فارس وراجل فله سلب قتيله .

فأما من لا سهم له في الغنيمة فضربان : [ ص: 399 ] أحدهما : من لا سهم له لكفره .

والثاني : لنقصه .

فأما من لا سهم له بكفره كالمشرك إذا قتل مشركا فلا سلب له إن قتل ؛ لأن السلب غنيمة نقلها الله تعالى عن المشركين إلى المسلمين فلم يجز أن ينقل عنهم إلى المشركين ، وإنما يعطون إذا قاتلوا أجرا من سهم المصالح لا سهما من الغنيمة .

وأما من لا سهم له لنقصه كالعبيد والصبيان والنساء ففي استحقاقهم في السلب قولان مبنيان على اختلاف قوليه في السلب ، هل هو ابتداء عطية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بيان لمجمل الآية ، فإن قيل : إنه ابتداء عطية منه - صلى الله عليه وسلم - أعطيه القاتل عبدا كان أو صبيا أو امرأة ؟ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : من قتل قتيلا فله سلبه ، وإن قيل إنه بيان لمجمل الآية لم يعط العبد والصبي والمرأة وإن كانوا قاتلين ؛ لأن تملك السهم من الغنيمة مستحق لمجرد الحضور ، فلما ضعفوا عن تملكه كانوا عن تملك السلب أضعف ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية