الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " ولم يختلف أحد لقيته في أن ليس للمماليك في العطاء حق ولا الأعراب الذين هم أهل الصدقة " .

قال الماوردي : وهذا كما قال .

المملوك لا يفرد له في العطاء ، سواء قاتل مع سيده أو تشاغل بخدمته ، لكن يزاد السيد في عطائه لما يتكلفه من نفقة عبده ، وحكي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه أعطى العبيد في أيام خلافته ، فلما أفضى الأمر إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حرمهم ولم يعطهم ، وهو الأصح لأمرين :

أحدهما : أن العبد لا يملك وإنما هو عون لسيده ، عليه نفقته وكسوته وله كسبه .

والثاني : أنه ليس من أهل الجهاد فيعطى عطاء المجاهدين ، ألا تراه لو حضر الوقعة لم يتعين عليه القتال فيها .

[ ص: 447 ] فإن قيل : فكيف قال الشافعي لم يختلف أحد لقيته في أن ليس للمماليك في العطاء حق ، فادعى في ذلك الإجماع وأبو بكر قد خالف ؛ ولا ينعقد الإجماع مع خلافه ؟ فعن ذلك ثلاثة أجوبة :

أحدها : أنه صار بذلك إلى من لقيه من أهل عصره وهو لم يعاصر الصحابة .

والثاني : قد يعقب خلاف الصحابة إجماع من بعدهم من الأعصار ، فصار حكم الخلاف عند كثير من أصحابنا مرتفعا .

والثالث : أنه أشار بذلك إلى عبيد الخدمة لا عبيد المقاتلة ، ولم يعطهم أبو بكر ولا أحد بعده شيئا .

التالي السابق


الخدمات العلمية