الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فإذا تقرر وجوبها فالكلام فيها يقع في ثلاثة فصول :

أحدها : محل النية

والثاني : كيفية النية

والثالث : وقت النية

وأما الفصل الأول : وهو محل النية وهو القلب ، ولذلك سميت به ، لأنها تفعل بأنأى عضو في الجسد ، وهو القلب وإذا كان ذلك كذلك فله ثلاثة أحوال :

أحدها : أن ينوي بقلبه ، ويلفظ بلسانه فهذا يجزئه ، وهو أكمل أحواله

والحال الثانية : أن يلفظ بلسانه ولا ينوي بقلبه فهذا لا يجزئه ، لأن محل النية الاعتقاد بالقلب : كما أن محل القراءة الذكر باللسان ، فلما كان لو عدل بالقراءة عن ذكر اللسان إلى الاعتقاد بالقلب لم يجزه وجب إذا عدل بالنية عن اعتقاد القلب إلى ذكر اللسان لا يجزئه : لعدوله بكل واحد منهما عن جارحته

والحال الثالثة : أن ينوي بقلبه ولا يتلفظ بلسانه . فمذهب الشافعي يجزئه ، وقال أبو عبد الله الزبيري - من أصحابنا - : لا يجزئه حتى يتلفظ بلسانه تعلقا بأن الشافعي قال في كتاب " المناسك " : ولا يلزمه إذا أحرم بقلبه أن يذكره بلسانه وليس كالصلاة التي لا تصح إلا [ ص: 92 ] بالنطق فتأول ذلك على وجوب النطق في النية ، وهذا فاسد ، وإنما أراد وجوب النطق بالتكبير ، ثم مما يوضح فساد هذا القول حجاجا : أن النية من أعمال القلب فلم تفتقر إلى غيره من الجوارح كما أن القراءة لما كانت من أعمال اللسان لم تفتقر إلى غيره ، من الجوارح

التالي السابق


الخدمات العلمية