الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " وابن السبيل عندي ابن السبيل من أهل الصدقة الذي يريد البلد غير بلده لأمر يلزمه " .

قال الماوردي : وهذا صحيح .

وبنو السبيل هم صنف من أهل السهمان قال الله تعالى : وفي سبيل الله وابن السبيل وبنو السبيل هم المسافرون : لأن السبيل الطريق ، سموا بها لسلوكهم لها وهم ضربان : مجتاز ، ومنشئ .

فأما المجتاز فهو المار في سفره ببلد الصدقة ، وأما المنشئ فهو المبتدئ لسفره عن بلد الصدقة وهما سواء في الاستحقاق .

وقال أبو حنيفة ومالك : ابن السبيل من أهل السهمان هو المجتاز دون المنشئ استدلالا بقوله تعالى : وابن السبيل ، يعني : ابن الطريق . وهذا ينطبق على المسافر المجتاز دون المنشئ الذي ليس بمسافر مجتاز .

ودليلنا هو أن ابن السبيل يعطى لما يبتدؤه من السفر لا لما مضى منه ، فاستوى فيه المجتاز والمنشئ : لأن كل واحد منهما مبتدئ : لأن المسافر لو دخل بلدا أو نوى إقامة خمسة عشر يوما صار في حكم المقيمين من أهله ويصير عند إرادة الخروج كالمنشئ ثم يجوز بوفاق ، فكذا كل مقيم منشئ ، وفيه انفصال عن الاستدلال .

فإن قيل : فكيف يسمى من لم يسافر مسافرا ؟

قيل : كما يسمى من لم يحج حاجا ، ومثل ذلك قوله تعالى : واستشهدوا شهيدين من رجالكم [ البقرة : 282 ] .

[ ص: 514 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية