مسألة : قال  
الشافعي      - رحمه الله - : "  
ويأخذ العاملون عليها بقدر أجورهم  في مثل      
[ ص: 522 ] كفايتهم وقيامهم وأمانتهم والمؤنة عليهم فيأخذ لنفسه بهذا المعنى ويعطي العريف ومن يجمع الناس عليها بقدر كفايته وكلفته وذلك خفيف لأنه في بلاده " .  
قال  
الماوردي      : وهذا صحيح ، وإن كان  
الشافعي   قد ذكره فإنما أعاده ليبين قدر ما يعطى كل صنف من أهل السهمان بعد أن يبين كل صنف منهم ،  
فالعاملون عليها هم صنف من أهل السهمان يعطون أجورهم منها صدقة     .  
وقال  
أبو حنيفة      : هو أجرة وليس بصدقة : لأنهم يأخذونه مع الغنى ، ولو كانت صدقة حرمت عنده على الأغنياء وهذا خطأ : لأن الله تعالى قال :  
إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها     [ التوبة : 60 ] ، فلم يجز أن يزال عن الصدقة حكمها باختلاف المتملكين ؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ذوي القربى من العمل عليها لتحريم الصدقات عليهم ، ولو خرجت عن حكم الصدقة إلى الأجرة ما منعهم منها ، وليس ينكر أن تكون الأجرة صدقة إذا كانت مأخوذة من مال الصدقة ، فإذا ثبت هذا ، فإن كان العاملون عليها مستأجرين بعقد إجارة لم يجز أن يكون المسمى فيه من الأجرة أكثر من أجور أمثالهم ، كما لا يجوز في المستأجر على أموال الأيتام أن يسمى له أكثر من أجرة المثل ، وإن لم يكونوا مستأجرين بعقد كان لهم أجرة المثل كمن استهلك عمله بغير عقد ، وذلك يختلف بقرب المسافة وبعدها وقلة العمل وكثرته .  
قال  
الشافعي      : " وأماناتهم " ليس يريد أنه قد يجوز أن يستعمل غير أمين ، ولكنه إن كان معروف الأمانة كانت أجرته أكثر من غير المعروف بالأمانة ، وإن كان لا يجوز أن يستعمل عليها غير أمين ، ومن العاملين عليها  
العريف والحاشر والحاسب والكيال والعداد ،  فأما العريف فعريفان : عريف على أرباب الأموال ، وعريف على أهل السهمان .  
فأما العريف على أرباب الأموال فهو الذي يعرفهم ويعرف أموالهم ، وهذا يجب أن يكون من جيران أهل المال ليصح أن يكون عارفا بجميعها وبأربابها .  
وأما عريف أهل السهمان فهو الذي يعرف كل صنف منهم ولا يخفى عليه أحوالهم ، وهذا يجب أن يكون من جيران أهل السهمان ليصح أن يكون عارفا بظاهر أحوالهم وباطنها ، وكلا الفريقين أجرته من سهم العاملين ، وأجرتهما أقل لأنهما ممن لا يحتاج إلى قطع مسافة لكونهما من بلد الصدقة لا من المسافرين إليه .