الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : [ صدقات البادية ]

وإن كان ما يقسمه العامل صدقات بادية لا تضمهم أمصار ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكونوا مقيمين بمكان قد استوطنوه من باديتهم لا يظعنون عنه شتاء ولا صيفا ولا ينقلون عنه لمرعى ولا كلأ ، فهؤلاء كأهل المصر لاشتراكهم في المقام ، وإن اختلفوا في صفات المساكن ؛ فتكون صدقاتهم مقسومة فيمن كان نازلا معهم في مكانهم ، وهل يشركهم من كان على مسافة أقل من يوم وليلة أم لا ، على ما حكيناه من الوجهين . والضرب الثاني : أن يكونوا ممن ينتجع الكلأ وينتقل لطلب الماء والمرعى فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكونوا مجتمعين لا ينفصل حال بعضهم من بعض ، فجميعهم جيران وإن تميزت أنسابهم فتقسم الزكاة في جميعهم وفيمن كان منهم على مسافة أقل من يوم وليلة وإن تميزوا عنهم وجها واحدا ، بخلاف أهل الأمصار : لأن البادية لما لم تضمهم الأمصار روعي في تجاورهم القرب والبعد ، فمن كان منهم على أقل من مسافة يوم وليلة كان جارا لقربه ، ومن كان على مسافة يوم وليلة فصاعدا لم يكن جارا لبعده .

والضرب الثاني : أن يتميز حالهم وتنفصل كل حلة عن الأخرى ، فتقسم زكاة كل حلة عن الأخرى فتقسم زكاة كل حلة على أهلها وعلى من كان منها على أقل من مسافة يوم وليلة ، هذا حكم العامل إذا تولى قسمها بنفسه في الأمصار والبوادي .

التالي السابق


الخدمات العلمية