الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : وقال تعالى : يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن [ الأحزاب : 32 ] فأبانهن به من نساء العالمين " .

قال الماوردي : وهذا مما خص الله تعالى به رسوله من الكرامات أن فضل نساءه على نساء العالمين ، فقال تعالى : لستن كأحد من النساء [ الأحزاب : 32 ] وذلك لأربعة أشياء :

أحدها : لما خصهن الله تعالى من خلوة رسوله ونزول الوحي بينهن .

والثاني : لاصطفائهن لرسوله أزواجا في الدنيا وأزواجا في الآخرة .

والثالث : لما ضاعفه لهن من ثواب الحسنات وعقاب السيئات .

والرابع : لما جعلهن للمؤمنين أمهات محرمات ، فصرن بذلك من أفضل النساء ، وفيه قولان :

أحدهما : من أفضل نساء زمانهن . والثاني : أفضل النساء كلهن .

وفي قوله إن اتقيتن تأويلان محتملان :

أحدهما : معناه إن استدمتن التقوى فلستن كأحد من النساء .

والثاني : معناه لستن كأحد من النساء ، فكن أخصهن بالتقوى .

فعلى التأويل الأول يكون معناه معنى الشرط ، وعلى التأويل الثاني معناه معنى الأمر ، ثم قال تعالى : فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض [ الأحزاب : 32 ] وفي خضوعهن بالقول خمسة تأويلات :

أحدها : فلا ترفعن بالقول . وهو قول السدي .

والثاني : فلا ترخصن بالقول . وهو قول ابن عباس .

والثالث : فلا تكلمن بالرفث . وهو قول الحسن .

والرابع : هو الكلام الذي فيه ما يهوى المريب . وهو قول الكلبي . [ ص: 18 ] والخامس : هو ما يدخل من قول النساء في قلوب الرجال . وهو قول ابن زيد ، وفي قوله فيطمع الذي في قلبه مرض تأويلان :

أحدهما : أنه الفجور . وهو قول السدي .

والثاني : أنه النفاق . وهو قول قتادة . وكان أكثر ما يصيب الحدود في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم المنافقون ،

التالي السابق


الخدمات العلمية