الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وإذا قد مضى ما قد خص به رسول الله صلى الله عليه وسلم في مناكحه نصا واجتهادا ، وما خص به أزواجه تفضيلا وحكما .

فلا بد من ذكر أزواجه ، ليعلم من يميز من نساء الأمة بهذه الأحكام المخصوصة ، وهن ثلاث وعشرون امرأة ، منهن ست متن قبله ، وتسع مات قبلهن ، وثمان فارقهن .

فأما الست اللاتي متن قبله :

فإحداهن خديجة بنت خويلد ، وهي أول امرأة تزوجها قبل النبوة عند مرجعه من الشام ، وهي أم بنيه وبناته إلا إبراهيم ، فإنه من مارية القبطية ، كان المقوقس أهداها إليه ، ولم يتزوج على خديجة أحدا حتى ماتت .

والثانية : زينب بنت خزيمة الهلالية أم المساكين ، ودخل بها ، وأقامت عنده شهورا ، ثم ماتت ، وكانت أخت ميمونة من أمها .

والثالثة : سنا بنت الصلت ، ماتت قبل أن تصل إليه .

والرابعة : شراق أخت دحية الكلبي ، ماتت قبل أن تصل إليه .

والخامسة : خولة بنت الهذيل ، ماتت قبل أن تصل إليه .

والسادسة : خولة بنت حكيم السلمية ، ماتت قبل دخوله بها ، وقيل : إنها هي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم .

فهؤلاء ست متن قبله ، دخل منهن باثنتين ، ولم يدخل بأربع .

[ ص: 27 ] وأما التسع اللاتي مات عنهن :

فإحداهن عائشة بنت أبي بكر ، وهي أول امرأة تزوجها بعد موت خديجة ، ولم يتزوج بكرا غيرها ، عقد عليها بمكة وهي ابنة سبع ، ودخل بها بالمدينة وهي ابنة تسع ، ومات عنها وهي ابنة ثماني عشرة .

والثانية : سودة بنت زمعة ، تزوجها بعد عائشة ، وكانت أم خمس صبية ، فلما عرف أخوها عبد بن زمعة أنها تزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم حثا التراب على رأسه ، فلما أسلم قال : إني لسفيه لما حثوت التراب على رأسي ، حين تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أختي .

والثالثة : حفصة بنت عمر ، تزوجها بعد سودة ، وكان عثمان قد خطبها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا أدلك على من هو خير لها من عثمان وأدل عثمان على من هو خير له منها ، فتزوجها ، وزوج بنته أم كلثوم بعثمان .

والرابعة : أم حبيبة بنت أبي سفيان ، وقيل : إنه نزل في تزويجها عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة [ الممتحنة : 7 ] ، ولما تنازع أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضانة ابنه إبراهيم ، قال : ادفعوه إلى أم حبيبة : فإنها أقربهن منه رحما .

والخامسة : أم سلمة بنت أبي أمية .

والسادسة : زينب بنت جحش ، نزل عنها زيد بن حارثة ، فتزوجها ، وفيها نزل قوله تعالى : فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها [ الأحزاب : 37 ] وكانت بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمها أميمة بنت عبد المطلب .

والسابعة : ميمونة بنت الحارث ، وكان بالمدينة فوكل أم رافع في تزويجه بها وبقي بمكة ، ودخل بها عام الفتح بسرف ، وقضى الله تعالى أن ماتت بعد ذلك بسرف .

والثامنة : جويرية بنت الحارث ، من بني المصطلق من خزاعة ، سباها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة المريسيع التي هدم فيها مناة ، ثم أعتقها وتزوجها .

وقال الشعبي : وجعل عتقها صداقها ، فلما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقى أحد من المسلمين عبدا من قومها إلا أعتقه لمكانتها ، فقيل : إنها كانت أبرك امرأة على قومها .

والتاسعة : صفية بنت حيي بن أخطب ، اصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبي النضير ، ثم أعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها ، وهي التي أهدت إليها زينب بنت الحارث اليهودية شاة مسمومة ، فأكل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فهؤلاء تسع مات عنهن ، وكان يقسم لثمان منهن .

وأما الثماني اللاتي فارقهن في حياته :

فإحداهن أسماء بنت النعمان الكندية ، دخل عليها ، فقال لها : تعالي ، فقالت : أنا من قوم نؤتى ولا نأتي ، فقام إليها فأخذ بيدها ، فقال : ملكة تحت سوقة ، فغضب وقال : لو رضيك الله لي لأمسكتك وطلقها .

والثانية : ليلى بنت الحطيم أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو غافل ، فضربت ظهره ، فقال : من [ ص: 28 ] هذا ؟ أكله الأسود ، فقالت : أنا ليلى قد جئتك أعرض نفسي عليك ، فقال : قد قبلتك ، ثم علمت كثرة ضرائرها ، فاستقالته فأقالها ، فدخلت حائطا بالمدينة ، فأكلها الذئب .

والثالثة : عمرة بنت يزيد الكلابية دخل بها ثم رآها تتطلع فطلقها .

والرابعة : العالية بنت ظبيان ، دخل بها ومكثت عنده ما شاء الله ، ثم طلقها .

والخامسة : فاطمة بنت الضحاك الكلابية ، لما خير الرسول صلى الله عليه وسلم نساءه ، اختارت فراقه ، ففارقها بعد دخوله بها .

والسادسة : قتيلة بنت قيس أخت الأشعث ، وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخييرها في مرضه ، فاختارت فراقه ، ففارقها قبل الدخول .

والسابعة : مليكة بنت كعب الليثية ، كانت مذكورة بالجمال ، فدخلت إليها عائشة ، فقالت : ألا تستحين أن تتزوجي قاتل أبيك يوم الفتح ، فاستعيذي منه فإنه يعيذك ، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : أعوذ بالله منك ، فأعرض عنها ، وقال : قد أعاذك الله مني وطلقها .

والثامنة : امرأة من عفان ، تزوجها ، ورأى بكشحها لطخا فقال : ضمي إليك ثيابك والحقي بأهلك ، فهؤلاء ثمان فارقهن في حياته ، دخل منهن بثلاث والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية