الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ثم يقول : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين "

قال الماوردي : وهذا صحيح ، أما لفظ التوجه فمسنون بإجماع وإنما الاختلاف في فصلين :

أحدهما : في صفته

والثاني : في محله . فأما صفة التوجه فهو ما ذكره الشافعي

وقال أبو حنيفة : بما رواه أبو الجوازء عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك تعلقا بهذه الرواية واستدلالا بقوله سبحانه وسبح بحمد ربك حين تقوم

[ ص: 101 ] ودليلنا : رواية الشافعي عن مسلم بن خالد ، عن ابن جريج عن موسى بن عقبة ، عن عبد الله بن الفضل ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن عبيد الله بن رافع ، عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ، ونسكي ، ومحياي ، ومماتي ، لله رب العالمين وحده لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك ، اللهم وبحمدك أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا لا يغفرها إلا أنت ، اصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت ، لبيك وسعديك والمهدي من هديت ، والخير بيديك ، أنا بك وإليك تباركت وتعاليت ، أستغفرك وأتوب إليك وروى عطاء بن يسار عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ، فكان ما ذهب إليه الشافعي من هذه الرواية شيئان :

أحدهما : أنه أصح رواية وأثبت إسنادا ، وأشهر عند أصحاب الحديث متنا

والثاني : أنه موافق لكتاب الله ، عز وجل ، ومشابه لحال المصلي ، ولأنه يشتمل على أنواع وذاك نوع فكان ما ذهبنا إليه أولى ، وأما قوله سبحانه : وسبح بحمد ربك حين تقوم فيحمل على أمرين ، إما على القيام من النوم ، وإما على التسبيح في الركوع والسجود

التالي السابق


الخدمات العلمية