الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : فإذا ثبت أن غسل الذراعين مع المرفقين واجب فلا يخلو حال المتوضئ من أحد أمرين :

الأول : إما أن تكون يده سليمة أو قطعا ، فإن كان سليم اليد بدأ بغسل ذراعه اليمنى فأجرى الماء عليه وأدار كفه اليسرى عليه ، فإن كان هو الذي يصب الماء على نفسه بدأ من أطراف أصابعه إلى مرفقه وإن كان غيره يصب الماء عليه بدأ من مرفقه إلى أطراف أصابعه ووقف من يصب الماء على يساره يفعل كذلك ثلاثا ثم يغسل ذراعه اليسرى كذلك ثلاثا فإن كان أقطع فله ثلاثة أحوال :

إحداها : أن يكون أقطع الكف باقي الذراع فعليه أن يغسل الذراع مع المرفق ، وفرض الكف قد سقط بزواله إلى غير بدل .

والحال الثانية : أن يكون أقطع الذراع باقي المرفق فعليه أن يغسل المرفق لبقائه من جملة المفروض في الغسل .

والحالة الثالثة : أن يكون أقطع الذراع والمرفق فلا فرض عليه فيه لزوال ما فرض غسله لكن يستحب أن يمس موضعه الماء اختيارا لا واجبا .

وأنكر ابن داود ذلك على الشافعي إنكار عناد وعنت ، والوجه في استحبابه ذلك أمور منها : الأثر المروي عن ابن عباس أنه استحب غسله .

ومنها أن يكون خلفا فيما فات ، ومنها أنه موضع قد يصل إليه الماء في إسباغ الوضوء فلم يقدم ذلك لزوال العضو .

وأما المزني فإنه قال : ولو كان أقطعهما من المرفقين فلا فرض عليه فيهما ، فنقل جواب القسم الثالث إلى القسم الثاني ، فاختلف أصحابنا فكان أبو إسحاق المروزي يقول هذا غلط من المزني أو سهو في النقل ؛ لأنه إذا كان أقطع الذراعين من المرفقين لزمه غسل المرفقين ولم يسقط عنه الفرض فيهما . وقال أبو علي بن أبي هريرة : جواب المزني صواب ، ونقله صحيح وإنما غلط عليه في التأويل ومراده بقوله من المرفقين ، أي من فوق المرفقين فحذف ذلك اختصارا واكتفى بفهم السامع . [ ص: 114 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية