الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإن كان مأذونا له في التجارة أعطى مما في يديه " .

قال الماوردي : وهذا القسم الثاني من أحوال العبد أن يكون مأذونا له في التجارة ، فيكون ما لزمه من المهر والنفقة متعلقا بمال التجارة : لأن هذا المال في حق المأذون له في التجارة كمال الكسب في حق المكتسب لكونهما ملكا للسيد الآذن ، لكن اختلف أصحابنا في المال هاهنا يقول الشافعي : " أعطى مما في يديه " على ثلاثة أوجه :

أحدها : أن يعطيه من مال الربح المستفاد بعد وجوبه ، فيعطي المهر من الربح المستفاد بعد العقد ، والنفقة من الربح المستفاد بعد التمكين ، كما قلنا في المكتسب إنه يعطيهما من كسب المستفاد بعد وجوبهما .

والوجه الثاني : أنه يعطيهما من جميع ما بيده من الربح المستفاد قبل الوجوب وبعده ، ولا يعطيهما من أصل المال : لأن جميعهما نماء المال ، والفرق بين الكسب والربح : أن كسب العمل حادث في كل يوم ، وليس كسب التجارة حادثا في كل يوم .

[ ص: 77 ] والوجه الثالث : أنه يعطيهما من جميع ما بيده من مال التجارة من ربح وأصل : لأن جميع ذلك ملك للسيد ، وقد صار بالإذن كالمأمور يدفعهما فتعلق الإذن لجميع ما بيده كالدين ، فلو أن السيد دفع ذلك من غير مال التجارة خلص مال التجارة وربحه للسيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية