فصل : فإن اتفقا على أن نكحها فعلى ثلاثة أقسام :  
أحدها : أن  
ينكحها على صداق معلوم معين أو في الذمة  ، فالنكاح بلا صداق جائز وله عليها قيمتها ، ولها عليه صداقها ، فإن كان الصداق معينا لم يجز أن يكون قصاصا ، وكذلك لو كان في الذمة من غير جنس القيمة لم يكن قصاصا أيضا ، وإن كان في الذمة من جنس القيمة فهل يكون قصاصا أم لا ؟ على ما ذكرنا من الأقاويل الأربعة .  
والقسم الثاني : أن  
ينكحها على أن يكون عتقها صداقها  ، والنكاح جائز ، والصداق باطل .  
وقال  
أبو حنيفة      : الصداق جائز . وهذا خطأ : لأن العتق ليس بمال ولا عمل يعتاض عليه بمال      
[ ص: 87 ] فلم يجز أن يكون صداقا ، وصح النكاح : لأن بطلان الصداق لا يوجب فساد النكاح ، فتكون لها عليه مهر مثلها ، كما لو تزوجها على صداق فاسد من حرام أو مجهول ، ويكون له عليها قيمتها ، فإن كانت القيمة مهر المثل من جنسين مختلفين لم يكونا قصاصا ، وإن كانا من جنس واحد فهل يكونا قصاصا أم لا ؟ على ما ذكرنا من الأقاويل .  
والقسم الثالث : أن ينكحها على أن تكون قيمتها صداقا ، فهذا على ضربين :  
أحدهما : أن يكونا عالمين بقدر القيمة فيكون النكاح والصداق جائزين : لأنه تزوجها على معلوم في ذمتها ، فعاد كما لو تزوجها على دين في ذمتها من ثمن أو قرض ، وتبرأ من قيمتها بالصداق ، ويبرأ من صداقها بالقيمة .  
والضرب الثاني : أن يكونا جاهلين بقدر القيمة أو أحدها ، فالنكاح جائز ، وفي بطلان الصداق قولان :  
أحدهما - وهو قوله في الجديد ، واختاره  
المزني   ،  
وأبو إسحاق المروزي      - : أن الصداق باطل : لأن الجهالة تمنع من صحته ، كما لو تزوجها على عقد غير موصوف ولا معين .  
والقول الثاني - قاله في القديم ، واختاره  
أبو علي بن خيران   ،  
وأبو علي بن أبي هريرة      - : أن الصداق جائز : بناء على قوله في القديم : أن الصداق المعين إذا بطل وجب الرجوع بقيمته لا بمهر المثل ، فتصح هاهنا : لأن قيمة الصداق هي القيمة المستحقة .