الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : [ القول في تفسير الكفاءة والأصل فيها وشرائطها ]

فإذا ثبت اعتبار الكفاءة فهي المساواة ، مأخوذ من كفتي الميزان لتكافئهما ، وهي معتبرة بشرائط نذكرها .

[ ص: 101 ] أصلها ما رواه سعيد بن أبي شعبة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : تنكح المرأة لأربع : لمالها ، وحسبها ، ودينها ، وجمالها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك .

يقال : ترب الرجل إذا افتقر ، وأترب إذا استغنى ، وفي هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم له ثلاثة تأويلات :

أحدها : أن تربت هاهنا بمعنى استغنت ، وإن كان في اللغة بمعنى افتقرت ، فتصير من أسماء الأضداد : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يدعو على من لم يخالف له أمرا ، مع أن دعاءه مقرون بالإجابة .

والثاني : أن معناه تربت يداك إن لم تظفر بذات الدين : لأن من لم يظفر بذات الدين سلبت البركة فافتقرت يداه .

والثالث : أنها كلمة تخف على ألسنة العرب في خواتيم الكلام ولا يريدون بها دعاء ولا ذما ، كقولهم ما أشعره قاتله الله ، وما أرماه شلت يداه .

فإذا ثبت هذا ، فالشروط التي تعتبر بها الكفاءة سبعة وهي : الدين ، والنسب ، والحرية ، والمكسب ، والمال ، والبشر ، والسلامة من العيوب .

وقال مالك : الكفاءة معتبرة بالدين وحده .

وقال ابن أبي ليلى : معتبرة بشرطين : الدين والنسب .

وقال الثوري : هي معتبرة بثلاث شرائط : الدين ، والنسب ، والمال ، وهي إحدى الروايتين عن أبي حنيفة .

وقال أبو يوسف : هي معتبرة بأربع شرائط : الدين ، والنسب ، والمال ، والمكسب .

الرواية الثانية : عن أبي حنيفة .

ونحن ندل على كل شرط منها ونبين حكمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية