الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
[ الشرط الأول في الكفاءة وهو الدين ]

أما الشرط الأول : وهو الدين فإن اختلافهما في الإسلام والكفر كان شرطا معتبرا بالإجماع : لقوله تعالى : لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة [ الحشر : 20 ] . ولقوله صلى الله عليه وسلم : أنا برئ من كل مسلم مع مشرك .

وإن كان اختلافهما في الصفات والفجور مع اتفاقهما في الإسلام ، فعند محمد بن الحسن : أنه ليس بشرط معتبر ، وعند الجماعة عنه : أنه شرط معتبر لقوله تعالى : [ ص: 102 ] الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك [ النور : 3 ] . وقال تعالى : أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون [ السجدة : 18 ] .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها خلقا .

فأما المسلمان إذا كان أبوا أحدهما مسلمين وأبوا الأخير كافرين فإنهما يكونا كفئين .

وقال أبو حنيفة : لا تكافؤ بينهما لأنه لما لم يتكافأ الآباء لم يتكافأ الأبناء .

وهذا خطأ : لأن فضل النسب يتعدى وفضل الدين لا يتعدى : لأن النسب لا يحصل للأبناء إلا من الآباء ، فتعدى فضله إلى الأبناء ، والدين قد يحصل للأبناء بأنفسهم من غير الآباء فلم يتعد فضله إلى الأبناء .

التالي السابق


الخدمات العلمية